للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ فِي الزِّنَا بِأَمَتِهِ (وَالْأَظْهَرُ) أَنَّهُ (لَا دِيَةَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ أَسْقَطَهَا أَيْضًا بِإِذْنِهِ، نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَالْإِذْنُ فِي الْقَطْعِ يُهْدِرُهُ وَسِرَايَتُهُ كَمَا يَأْتِي.

وَالثَّانِي تَجِبُ وَلَا يُؤَثِّرُ إذْنُهُ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي النَّفْسِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا، وَلَمْ يَمُتْ فَلَا دِيَةَ وَلَا قَوَدَ جَزْمًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَإِنْ قَتَلَهُ دَفْعًا انْتَفَى الضَّمَانُ جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ: اقْذِفْنِي، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَذَفَهُ فَلَا حَدَّ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ عَبْدًا لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ، وَهَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ عَبْدًا وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهُ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إكْرَاهِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَابِعًا فَفَعَلَا اُقْتُصَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ) (قَالَ: اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا) وَإِلَّا قَتَلَك (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) فَيُقْتَلُ الْمَأْمُورُ بِمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا لِاخْتِيَارِهِ لَهُ، وَعَلَى الْآمِرِ الْإِثْمُ فَقَطْ، وَلَوْ أَنَهَشَهُ نَحْوَ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ حَثَّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَأَعْجَمِيٍّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ عَلَى قَتْلِ آخَرَ، أَوْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ، أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ سَبُعًا ضَارِيًا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ عَكْسَهُ فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ أَوْ أَغْرَاهُ بِهِ فِيهِ قُتِلَ بِهِ لِصِدْقِ حَدِّ الْعَمْدِ عَلَيْهِ، أَوْ حَيَّةً فَلَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَنْفِرُ بِطَبْعِهَا مِنْ الْآدَمِيِّ حَتَّى فِي الْمَضِيقِ، بِخِلَافِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ يَثِبُ عَلَيْهِ فِيهِ دُونَ الْمُتَّسَعِ.

نَعَمْ إنْ كَانَ السَّبُعُ الْمُغْرَى فِي الْمُتَّسَعِ ضَارِيًا شَدِيدًا الْعَدْوَ وَلَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ رَبَطَ بِبَابِهِ أَوْ دِهْلِيزِهِ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ وَدَعَا ضَيْفًا فَافْتَرَسَهُ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَرِسُ بِاخْتِيَارِهِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ غَطَّى بِئْرًا بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِخُصُوصِهِ وَدَعَاهُ لِمَحَلٍّ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَأَتَاهُ فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَإِلْجَاءٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ الْإِكْرَاهَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَطَّاهَا لِيَقَعَ بِهَا مَنْ يَمُرُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الْعَمْدِيَّةِ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ. أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلْوَارِثِ وَالْمَقْتُولُ أَذِنَ فِي إسْقَاطِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ

(قَوْلُهُ: لَا دِيَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاتِلِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) حُرٌّ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَتَلْتُكَ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا قَتَلْتُك

(قَوْلُهُ: بَلْ الْقَوَدُ) أَيْ بَلْ يَسْقُطُ الْقَوَدُ

(قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ وَتَجِبُ عَلَى نَفْسِهِ قِيمَتُهُ وَفِيمَا دُونَهَا أَرْشُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ شَدِيدَةَ الضَّرَاوَةِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ بِهَا ضَارٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي الْحَيَّةِ وَصْفُ الضَّرَاوَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَبَطَ بِبَابِهِ أَوْ دِهْلِيزِهِ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ) وَمِثْلٌ بَلْ أَوْلَى مَا اُعْتِيدَ مِنْ تَرْبِيَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ

(قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَا بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ لَكِنْ التَّعْبِيرُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ قَدْ يُشْعِرُ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) أَيْ بِخُصُوصِ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْمَدْعُوِّ مَمَرٌّ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلضَّمَانِ بِالْمَالِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَعَاهُ، وَالْغَالِبُ مُرُورُهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ غَطَّاهَا، وَكَتَغْطِيَتِهَا عَدَمُ تَغْطِيَتِهَا لَكِنْ لَمْ يَرَهَا الْمَدْعُوُّ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْغَالِبِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ النَّادِرُ فِيهِ كَالْغَالِبِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ عَبْدًا) أَيْ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ: أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ إذْ هُوَ لَا يَجُوزُ وُجُوبُ الطَّاعَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيَّةً) أَيْ أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ حَيَّةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ دِيَةٌ وَانْظُرْ أَيَّ دِيَةٍ هِيَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُمَيِّزُ) أَيْ بَدَلُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>