غَيْرُ مُحْرَزٍ، نَعَمْ إنْ كَانَ السَّارِقُ فِي صُورَةِ غَلْقِ الْبَابَيْنِ أَحَدَ السُّكَّانِ الْمُنْفَرِدِ كُلٌّ مِنْهُمْ بِبَيْتٍ قُطِعَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ وَنَحْوُهُ فَيُقْطَعُ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ (وَقِيلَ إنْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا عُلِّلَ بِهِ.
(وَبِبَيْتٍ) نَحْوِ (خَانْ) وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ مِنْ كُلِّ مَا تَعَدَّدَ سَاكِنُو بُيُوتِهِ (وَصَحْنِهِ كَبَيْتٍ وَ) صَحْنِ (دَارٍ) لِوَاحِدٍ (فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ هَذِهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ فَكَانَ كَسِكَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ أَهْلِهَا بِخِلَافِ صَحْنِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اعْتِيَادَ سُكَّانِ الْخَانِ وَضْعَ حَقِيرِ الْأَمْتِعَةِ بِصَحْنِهِ مُلْحَقَةٌ بِصَحْنِ الدَّارِ لَا السِّكَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ سَرَقَ أَحَدُ السُّكَّانِ مَا فِي الصَّحْنِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَوَّابٌ، أَوْ مَا فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ قُطِعَ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ وَالثَّانِي يُقْطَعُ فِيهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ وَهِيَ تَكْلِيفٌ وَعِلْمُ تَحْرِيمٍ وَعَدَمُ شُبْهَةٍ وَإِذْنٍ وَالْتِزَامُ أَحْكَامٍ وَاخْتِيَارٌ وَفِيمَا يُثْبِتُ السَّرِقَةَ وَيُقْطَعُ بِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَجَاهِلٌ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ (وَمُكْرَهٌ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ وَحَرْبِيٌّ وَمَنْ أَذِنَهُ الْمَالِكُ وَذُو شُبْهَةٍ، وَلَا يُقْطَعُ مُكْرِهٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَطْعِ الْمُتَسَبِّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ كَانَ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فَيُقْطَعُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِلَا إكْرَاهٍ.
(وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ فِي مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ وَبِعِصْمَةِ الذِّمِّيِّ وَالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِنَا كَمَا فِي الزِّنَى.
(وَفِي) (مُعَاهَدٍ) وَمُؤَمَّنٍ (أَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا إنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ) لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْرَطْ ذَلِكَ (فَلَا) يُقْطَعُ لِانْتِفَاءِ الْتِزَامِهِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا قَطْعَ) بِسَرِقَتِهِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يُحَدُّ بِالزِّنَى (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ أَحْكَامَنَا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ، نَعَمْ يُطَالَبُ بِرَدِّ مَا سَرَقَهُ أَوْ بَدَلِهِ جَزْمًا، وَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ بِسَرِقَتِهِمَا مَالَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَحَدِ الْحِرْزَيْنِ فِي الْآخَرِ يَجْعَلُهُمَا كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا قَطْعَ.
[فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ فَتَحَ شَخْصٌ الْحِرْزَ، وَدَخَلَ الدَّارَ فَحَدَثَ فِيهَا مَالٌ، وَهُوَ فِيهَا فَأَخَذَهُ وَخَرَجَ بِهِ فَلَا قَطْعَ لِأَخْذِهِ مِنْ حِرْزٍ مَهْتُوكٍ اهـ.
وَاعْتَمَدَهُ م ر.
أَقُولُ: لَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ: إنَّ الْحِرْزَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحِرْزِيَّةِ بِفَتْحِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا وُضِعَ الْمَالُ قَبْلَ الْهَتْكِ، وَوَجْهُهُ اسْتِصْحَابُ الْحِرْزِيَّةِ وَالِاحْتِرَامُ لِلْحِرْزِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ) وَمِنْهُ صُنْدُوقُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ.
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ]
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْضَاءِ
(قَوْلُهُ: وَجَاهِلٌ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَبِعِصْمَةِ الذِّمِّيِّ) أَيْ وَبِسَبَبِ عِصْمَةِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا) شُرِطَ أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهِ جَزْمًا) فِي هَذَا الصَّنِيعِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُطَالَبُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَا سَرَقَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا وَأَمْكَنَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ السَّارِقِ) أَيْ فِي بَعْضِ، فَقَوْلُهُ: وَهِيَ تَكْلِيفٌ إلَخْ. بَيَانٌ لِلشُّرُوطِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا الَّتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ وَفِيمَا يُقْطَعُ بِهَا وَهُوَ أَطْرَافُهُ عَلَى مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ)