(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا. وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ. أَمَرَ بِهَا فِي الْخَوْفِ، فَفِي الْأَمْنِ أَوْلَى وَلِلْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا. وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ لِخَبَرِ «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» (هِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (فِي الْفَرَائِضِ) أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ (غَيْرَ) بِالنَّصْبِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِمَعْنَى إلَّا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَنِّ النَّحْوِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْجَرُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ إلَّا إنْ وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ فَلَا يَضُرُّ الْوَصْفُ بِالنَّكِرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ، وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى الْحَالِ (الْجُمُعَةُ) لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ فِيهَا، وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهَا بِالِاتِّفَاقِ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِخَبَرِ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» أَيْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَأَحْكَامِهَا]
كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: كِتَابُ) كَأَنَّ حِكْمَةَ التَّرْجَمَةِ بِهِ دُونَ جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إلَى الْجَنَائِزِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَتْ فِعْلًا حَتَّى تَكُونَ مِنْ جِنْسِهَا فَكَانَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَأَفْرَدَهَا بِكِتَابٍ، وَلَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ لِلصَّلَاةِ فَوَسَّطَهَا بَيْنَ أَبْوَابِهَا، وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مُغَايِرَةً لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ مُغَايِرَةً ظَاهِرَةً أَفْرَدَهَا بِكِتَابٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ جَمِيعِ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ نَظَرًا لِتِلْكَ الْمُغَايَرَةِ. اهـ حَجّ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ سُلَيْمَانَ الدَّارَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَفُوتُ أَحَدًا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ إلَّا بِذَنْبٍ أَذَنْبَهُ.
قَالَ: وَكَانَ السَّلَفُ يُعَزُّونَ أَنْفُسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إذَا فَاتَتْهُمْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى، وَسَبْعَةً إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ) هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: لَا تَقُومُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ أَقَامَهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ هَلْ يَجُوزُ؟ لِلْأَذْرَعِيِّ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِوَاسِطَةِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ حِينَئِذٍ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ فَقَدْ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُ سم فِيهِ احْتِمَالٌ: أَيْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ) وَمَثَلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ الْحَرَكَةُ غَيْرَ السُّكُونِ (قَوْلُهُ: إنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى الْحَالِ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِهِ أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى فَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ غَيْرَ تُعْرِبُ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهَا تُنْصَبُ إذَا كَانَتْ بَعْدَ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجَبٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا مُقَابِلٌ لِكَوْنِهَا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ اللَّامُ فِي الْفَرَائِضِ لِلْجِنْسِ جَازَ فِي غَيْرِ أَنْ تَكُونَ صِفَةً وَأَنْ تَكُونَ حَالًا؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْجِنْسِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ النَّكِرَاتِ وَالْمَعَارِفِ، لَكِنْ قَالَ عَمِيرَةُ: أَعْرَبَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَالًا.
وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْعَدُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا جَعْلُهَا صِفَةً فَمُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مَعْرِفَةً اهـ.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَالِيَّةَ إعْرَابُهَا غَيْرُ إعْرَابِ الْمُسْتَثْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ
[حاشية الرشيدي]
كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فَنِّ النَّحْوِ، إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ عِلْمِ النَّحْوِ وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ) أَيْ خِلَافُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّهَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ إلَّا أَنَّ جَعْلَهَا لِلْجِنْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute