إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالْمُسَامَحَةِ فِي سُنَّةِ الطَّوَافِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ الْكَثِيرُ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) وَإِنْ طَالَتْ (وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ) وَإِنْ قَصَرَتَا نَظَرًا لِلِاسْمِ فَيَسْجُدُ فِيهِمَا، وَلَوْ قَرَأَ آيَةً خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَكَسَ سَجَدَ ثَانِيًا (فَإِنْ) قَرَأَ الْآيَةَ أَوْ سَمِعَهَا وَ (لَمْ يَسْجُدْ وَطَالَ الْفَصْلُ) عُرْفًا بَيْنَ آخِرِهَا وَالسُّجُودِ (لَمْ يَسْجُدْ) وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِيهَا كَمَا مَرَّ لِتَعَلُّقِهَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالْكُسُوفِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ أَتَى بِهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّجْدَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهَا فَلَوْ سَجَدَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) إنَّمَا (تُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) لَهُ أَوْ لِنَحْوِ وَلَدِهِ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ شِفَاءِ مَرِيضٍ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِنْ حُدُوثِ الْمَالِ حُصُولُ وَظِيفَةٍ دِينِيَّةٍ: أَيْ وَهُوَ أَهْلٌ لَهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَهَلْ الْهُجُومُ مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَلَا يُنَافِيهِ تَمْثِيلُهُمْ بِالْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) عَنْهُ أَوْ عَمَّنْ ذُكِرَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَنَجَاةِ مَنْ غَرِقَ أَوْ حَرِيقٍ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا» وَرَوَاهُ فِي دَفْعِ النِّقْمَةِ ابْنُ حِبَّانَ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْت رَبِّي وَشَفَعْت لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَلَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ مِنْ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ سَجَدَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَمَّا أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا سَجَدَ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ الْمَذْكُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَاغْتَرَّ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ الْمَعْرِفَةُ وَسَتْرُ الْمُسَاوِي عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِحُدُوثِ الْمَعْرِفَةِ وَانْدِفَاعِ الْمُسَاوِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَبْطُهُ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيُقَالُ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ: سَجَدَ ثَانِيًا) أَيْ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَتُهُ عَلَى الشَّيْخِ آيَتَهَا بِوُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ، فَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْ الْقَارِئِ وَالشَّيْخِ السُّجُودُ بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ الَّتِي يُكَرِّرُ فِيهَا الْقَارِئُ الْآيَةَ بِكَمَالِهَا، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَطَالَ الْفَصْلُ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطَهُّرِ أَوْ مِنْ فِعْلِهَا لِشُغْلٍ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَنِّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ أَيْضًا وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَشَمِلَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ إلَخْ.
[سَجْدَةُ الشُّكْرِ]
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا وَحَصَلَتْ لَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَوَقَّعُهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ، وَفِي الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ يَتَوَقَّعُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَيُصَرِّحُ بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَشْفَعُ لَهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُدُوثَ الْأَخِ وَنَحْوِهِ كَحُدُوثِ الْوَلَدِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ) قَيْدٌ فِي الْمَالِ، وَقَوْلُهُ كَوْنُ ذَلِكَ: أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ) هُمَا ظَاهِرَةٌ وَمِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (قَوْلُهُ: وَشَفَعْت لِأُمَّتِي) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: ثُلُثَ أُمَّتِي) أَيْ الشَّفَاعَةَ فِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ سَأَلْت ثَانِيًا فَأَعْطَانِي ثُلُثًا آخَرَ وَثَالِثًا فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ) اسْمٌ لِقَبِيلَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ) أَيْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْمِثَالِ، وَصُورَتُهُ فِي الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَفِي الْجَاهِ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مَنْصِبِ ظُلْمٍ، وَفِي النَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُحِقًّا، وَفِي قُدُومِ الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى قُدُومِهِ مَفْسَدَةٌ، وَفِي شِفَاءِ الْمَرِيضِ أَنْ يَكُونَ نَحْوَ ظَالِمٍ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ الْمَعْرِفَةُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّاهِرَةِ مَا تَرَى فِي الْخَارِجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute