بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ وَلَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا.
(وَ) الثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهُمَا (بَعْدَ الزَّوَالِ) لِلْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ وَجَرَيَانِ أَهْلِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَازَ تَقْدِيمُهَا لَقَدَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْفِيفًا عَلَى الْمُبَكِّرِينَ وَإِيقَاعًا لِلصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ.
(وَ) الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ (الْقِيَامُ فِيهِمَا إنْ قَدَرَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ عَجَزَ خَطَبَ قَاعِدًا ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَمْ سَكَتَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لِعُذْرٍ، فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤْثِرْ، وَالْأَوْلَى لِلْعَاجِزِ الِاسْتِنَابَةُ.
(وَ) الرَّابِعُ مِنْ الشُّرُوطِ (الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) مُطْمَئِنًّا فِيهِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ جَلَسَ وَقَائِمٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجُلُوسِ بَلْ أَوْلَى فَصْلٌ بِسَكْتَةٍ، وَلَا يَكْتَفِي بِالِاضْطِجَاعِ، وَعُدَّ الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ هُنَا شَرْطَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِجُزْأَيْنِ مِنْ الْخُطْبَةِ إذْ هِيَ الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ، وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنَيْنِ لِأَنَّهُمَا جُمْلَةُ أَعْمَالٍ، وَهِيَ كَمَا تَكُونُ أَذْكَارًا تَكُونُ غَيْرَ أَذْكَارٍ، ثُمَّ هَلْ يَسْكُتُ فِيهِ أَوْ يَقْرَأُ أَوْ يَذْكُرُ، سَكَتُوا عَنْهُ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا " أَفَادَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَ) الْخَامِسُ مِنْ الشُّرُوطِ (إسْمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا حَتَّى يُسْمِعَهَا تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سِوَاهُ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَنَحْوِهِ فِي الصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ فِي الثَّانِيَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِمَا لَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّشَهُّدِ بِأَنَّ التَّشَهُّدَ وَرَدَ فِيهِ أَلْفَاظٌ بِخُصُوصِهَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا بِغَيْرِهَا، كَمَا لَوْ أَبْدَلَ النَّبِيَّ بِالرَّسُولِ فَقَوَّى شَبَهَهُ بِالْفَاتِحَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ لِلصَّلَاةِ فِيهَا صِيغَةٌ بِعَيْنِهَا. وَأَمَّا الْأُولَى فَالْأَقْرَبُ فِيهَا الضَّرَرُ لِأَنَّ اللَّحْنَ حَيْثُ غَيَّرَ الْمَعْنَى خَرَجَتْ الصِّيغَةُ عَنْ كَوْنِهَا حَمْدًا مَثَلًا وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ جُعِلَ الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلًا لَهَا سَوَاءٌ كَانَ اللَّحْنُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ هَجَمَ وَخَطَبَ وَتَبَيَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ هَلْ يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فِيهِ، وَمُقْتَضَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالصَّلَاةِ: يَعْنِي الْمَفْرُوضَةَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الِاضْطِجَاعِ خَطَبَ مُسْتَلْقِيًا (قَوْلُهُ أَمْ سَكَتَ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اخْتِصَاصَ هَذَا بِالْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ انْتَهَى عَمِيرَةُ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ) وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنَّ فِي كَلَامِ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ مَنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْقَوْمِ وَسَمَاعِهِمْ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِحَالِ نَفْسِهِ اقْتَضَى عَدَمَ اعْتِبَارِ سَمَاعِهِ وَصَلَاتِهِ لِعِلْمِهِ بِفَقْدِ شَرْطِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) ع خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الِاضْطِجَاعُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْقِيَامِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ سَقَطَ وَبَقِيَ الْخِطَابُ بِالْجُلُوسِ، فَفِي الِاضْطِجَاعِ تَرْكٌ لِلْوَاجِبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَكِنَّ فِي سم مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: كَانَ الْمُرَادُ الِاضْطِجَاعَ مِنْ غَيْرِ سَكْتَةٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُسَنُّ كَوْنُ مَا يَقْرَؤُهُ الْإِخْلَاصَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: إسْمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ) أَيْ فِي آنٍ وَاحِدٍ كَمَا يَظْهَرُ، حَتَّى لَوْ سَمِعَ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَحَضَرَ غَيْرُهُ وَأَعَادَهَا لَهُ لَا يَكْفِي، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْمَاعَيْنِ لِدُونِ الْأَرْبَعِينَ فَيَقَعُ لَغْوًا. وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِسْرَارُ بِغَيْرِ الْأَرْكَانِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ وَإِلَّا ضَرَّ لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ كَالسُّكُوتِ (قَوْلُهُ: وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]
قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) أَيْ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا لِمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ) فِي عِلْمِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الَّذِي يُعْلَمُ مِنْهُ الْعَكْسُ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الْإِمْدَادِ وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ فِي التَّعْبِيرِ وَخَالَفَهُ فِي الْحُكْمِ فَلَمْ يُنَاسِبْ