بِإِضْرَارِ أَحَدِهِمَا وَالْفَاسِخُ لَهُ الْمُتَضَرِّرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ الْحَاكِمُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَقِيلَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا مَا لَوْ كَانَ السَّقْيُ مُضِرًّا بِأَحَدِهِمَا وَمَنَعَ تَرْكَهُ حُصُولُ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ لِاسْتِلْزَامِ مَنْعِ حُصُولِهَا لَهُ انْتِفَاعَهُ بِالسَّقْيِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ (إلَّا أَنْ يُسَامِحَ) الْمَالِكُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ (الْمُتَضَرِّرَ) فَلَا فَسْخَ وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ مَجِيئَهُ هُنَا لِمَا فِي هَذَا مِنْ الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ.
وَهَذَا يَقْدَحُ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا (وَقِيلَ) يَجُوزُ (لِطَالِبِ السَّقْيِ أَنْ يَسْقِيَ) وَلَا اعْتِبَارَ بِالضَّرَرِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ رُطُوبَةَ الشَّجَرِ لَزِمَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْطَعَ) الثَّمَرَ (أَوْ يَسْقِيَ) الشَّجَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا (يَجُوزُ) (بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ) أَيْ ظُهُورِ (صَلَاحِهِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلَا إبْقَاءٍ، وَيَسْتَحِقُّ فِي هَذِهِ الْإِبْقَاءِ إلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ كَحَالَةِ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَ) بِشَرْطِ (إبْقَائِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ بَعْدَ بُدُوِّهِ مُطْلَقًا لِأَمْنِ الْعَاهَةِ حِينَئِذٍ غَالِبًا لِغِلَظِهَا وَكِبَرِ نَوَاهَا وَقَبْلَهُ تَسَرُّعٌ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» (وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إنْ) (بِيعَ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ) أَيْ خَفَايَا كَلَامِهِمْ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ مِنْ كَلَامِهِمْ الْخَفِيِّ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ إلَخْ) .
[فَرْعٌ] لَوْ هَجَمَ مَنْ يَنْفَعُهُ السَّقْيُ وَسَقَى قَبْلَ الْفَسْخِ إمَّا لِعَدَمِ عِلْمِ الْآخَرِ وَإِمَّا لِتَنَازُعِهِمَا وَتَوَلَّدَ مِنْهُ الضَّرَرُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَرْشَ النَّقْصِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُصُولِهِ بِفِعْلٍ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ احْتِمَالَيْنِ) أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمَا.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ اخْتِلَاطِ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ فِي هَذِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ قُبِلَتْ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ الصِّحَّةُ لِتَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعْنًى (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) وَمِنْهُ كَوْنُ الشَّجَرِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْمُحَدِّثِينَ حَيْثُ قَالُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: لِأَمْنِ الْعَاهَةِ) أَيْ لِمُرِيدِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: لِغِلَظِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لِأَمْنٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَرَأَيْت) أَيْ أَخْبِرْنِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ مَا لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ تَرْكُهُ حُصُولَ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ إلَخْ، فَكَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ فِي تَضَرُّرِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ لِاسْتِلْزَامِ إلَخْ لِأَجْلِ قَوْلِ الرَّوْضِ وَنَفْعِ الْآخَرِ، فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِحَذْفِ الْمَعْطُوفِ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهَا فَتَأَمَّلْ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]
. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: لِغِلَظِهَا) يَعْنِي الثَّمَرَةَ