للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِصِفَةٍ بِأَنَّ ذَاكَ يُشْبِهُ الْوَصِيَّةَ فَجَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا شِرَاءُ عَائِشَةَ لِبَرِيرَةَ مَعَ كِتَابَتِهَا فَقَدْ كَانَ بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا فَيَكُونُ فَسْخًا مِنْهَا وَيُرْشِدُ لَهُ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِتْقِهَا، وَلَوْ بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ لَعَتَقَتْ بِهَا، وَالْقَدِيمُ نَعَمْ، وَعَلَيْهِ لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالْبَيْعِ بَلْ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ جَوَازُ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَكَبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِرِضَاهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ لَا بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَيْعًا ضِمْنِيًّا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا

(فَلَوْ) (بَاعَهُ) السَّيِّدُ (فَأَدَّى) النُّجُومَ (إلَى الْمُشْتَرِي) (فَفِي عِتْقِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي بَيْعِ نُجُومِهِ أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ (وَهِبَتُهُ) وَغَيْرُهَا (كَبَيْعِهِ) فَتَبْطُلُ أَيْضًا، وَكَذَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهِ إنْ كَانَتْ مُنَجَّزَةً.

بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَهَا بِعَدَمِ عِتْقِهِ (وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَإِعْتَاقُ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ (وَتَزَوُّجُ أَمَتِهِ) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِأَنَّهُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَنَبَّهَ بِذِكْرِ التَّزْوِيجِ هُنَا عَلَى مَنْعِ مَا سِوَاهُ بِالْأَوْلَى فَلَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ لِغَرَضٍ آخَرَ

(وَلَوْ) (قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْ مُكَاتَبَك) عَنْك (عَلَى كَذَا) سَوَاءٌ أَقَالَ عَلَيَّ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ (فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ) كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ فِدَاءِ الْأَسِيرِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا فَلَا يَعْتِقُ عَنْ السَّائِلِ بَلْ عَنْ الْمُعْتِقِ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ، وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ وُجِدَتْ عَتَقَ كَمَا مَرَّ وَبَرِئَ عَنْ النُّجُومِ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ وَجِنَايَةٍ أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَمَا يَصِحُّ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَمَا لَا يَصِحُّ (الْكِتَابَةُ) الصَّحِيحَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي (لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا عُقِدَتْ لَا لِحَظِّ السَّيِّدِ فَكَانَ فِيهَا كَالرَّاهِنِ لِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَعُلِمَ لُزُومُهَا مِنْ جِهَتِهِ أَنَّهُ (لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا) لَكِنْ صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ) عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلَوْ عَنْ بَعْضِ النَّجْمِ فَلَهُ فَسْخُهَا.

وَلَا يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى حَاكِمٍ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ، نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَمَّا يَجِبُ حَطُّهُ عَنْهُ امْتَنَعَ فَسْخُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَ السَّيِّدَ بِالْإِيتَاءِ وَالْمُكَاتَبَ بِالْأَدَاءِ، أَوْ يَحْكُمَ بِالتَّقَاصِّ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ التَّقَاصُّ بِنَفْسِهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ الْآتِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَعْتِقْ مُكَاتَبَك عَنْك) وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ) أَيْ مِنْ الْآنَ وَفَازَ السَّيِّدُ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ (قَوْلُهُ بَلْ عَنْ الْمُعْتِقِ) أَيْ لِأَنَّ فِي عِتْقِهِ عَنْ السَّائِلِ تَمْلِيكًا لَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ فَأُلْغِيَ تَقْيِيدُ الْإِعْتَاقِ بِكَوْنِهِ عَنْ السَّائِلِ وَبَقِيَ أَصْلُهُ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ) أَيْ مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ حَيْثُ تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ، فَإِذَا كَاتَبَ الْعَبْدَ فَقَدْ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَصَارَ الْحَقُّ فِي إبْقَائِهِ وَعَدَمِهِ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ فَسْخُهُ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا صُدِّقَ السَّيِّدُ وَجَازَ لَهُ الْفَسْخُ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّ الْبَاقِيَ أَكْثَرُ مِمَّا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ الْآتِي) مِنْ اتِّفَاقِ الدَّيْنَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالْحُلُولِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْقَاضِيَ لَمْ يَجِدْ السَّيِّدَ لَمْ يَتَأَتَّ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَبَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الثَّانِي وَكَانَ قَدْ هَرَبَ مَثَلًا بَعْدَ الْإِبَاءِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ

(قَوْلُهُ: بَلْ عَنْ الْمُعْتِقِ) أَيْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا]

(فَصْلٌ) فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ (قَوْلُهُ: الصَّحِيحَةُ) لَعَلَّهُ قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ طَرَفِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ بِالْأَدَاءِ) أَيْ بِأَدَاءِ مَا أُوتِيَهُ وَانْظُرْ هَلْ لَهُ إلْزَامٌ بِالْحَطِّ (قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي أَشَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>