فَصْلٌ فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ (الْفُرْقَةُ) فِي الْحَيَاةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ
(قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا) كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ أَوْ بِإِعْسَارِهِ أَوْ بِعِتْقِهَا، وَكَرِدَّتِهَا أَوْ إسْلَامِهَا وَلَوْ تَبَعًا، أَوْ إرْضَاعِهَا لَهُ أَوْ لِزَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ؛ أَوْ مِلْكِهَا لَهُ أَوْ ارْتِضَاعِهَا كَأَنْ دَبَّتْ وَرَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ مَثَلًا
(أَوْ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا تُسْقِطُ الْمَهْرَ) الْمُسَمَّى ابْتِدَاءً وَالْمَفْرُوضُ بَعْدَ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ فَسْخَهَا إتْلَافٌ لِلْمُعَوَّضِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَأَسْقَطَ عِوَضَهُ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفَسْخُهُ النَّاشِئُ عَنْهَا كَفَسْخِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ أَبَاهَا الْمُسْلِمَ مَهْرُهَا مَعَ أَنَّهُ فَوَّتَ بِذَلِكَ بُضْعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَبَعِيَّتَهَا فِيهِ كَاسْتِقْلَالِهَا، بِخِلَافِ الْمُرْضِعَةِ يَلْزَمُهَا الْمَهْرُ وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ لِتَعَيُّنِهَا لِأَنَّ لَهَا أُجْرَةً تَجْبُرُ مَا تَغْرَمُهُ وَالْمُسْلِمُ لَا شَيْءَ لَهُ، فَلَوْ غَرِمَ لِنَفَرٍ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَأَجْحَفْنَا بِهِ وَجَعَلَ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا وَلَمْ يَجْعَلْ عَيْبَهُ كَفِرَاقِهِ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعَ سَلِيمَةٍ وَلَمْ يَتِمَّ بِخِلَافِهَا.
وَإِنَّمَا مُكِّنَتْ مِنْ الْفَسْخِ مَعَ أَنَّ مَا قَبَضَتْهُ سَلِيمٌ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا، فَإِذَا اخْتَارَتْ دَفْعَهُ فَلْتَرُدَّ بَدَلَهُ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمَا كَغَيْرِهِمَا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ وَالْحَادِثِ فِي حَالَةِ فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمُقَارَنِ وَجَعَلَ الْحَادِثَ كَالطَّلَاقِ
(وَمَالًا) يَكُونُ مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا
(كَطَلَاقٍ) وَلَوْ خُلْعًا أَوْ رَجْعِيًّا بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِسْقَاطِ الْخُلْعِ إثْمُ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يُحَقِّقُ الرِّضَا مِنْهَا بِلُحُوقِ الضَّرَرِ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَفَعَلَتْ
(وَإِسْلَامِهِ) وَلَوْ تَبَعًا
(وَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ) لَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ
(أَوْ) إرْضَاعِ
(أُمِّهَا) لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَمِلْكِهِ لَهَا
(يَشْطُرُهُ) أَيْ يُنَصِّفُهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ فَلَا مَهْرَ فَلَوْ عَتَقَا ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا شَطْرَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ فَيَرْجِعُ الْكُلُّ لِمَالِكِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ (قَوْلُهُ وَسُقُوطِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ الزِّيَادَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ فَصْلِ: نَكَحَهَا بِخَمْرٍ إلَخْ وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا) حَالٌ مِنْ الْفُرْقَةِ أَوْ ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِهَا (قَوْلُهُ: كَفَسْخِهَا) أَيْ فَكَانَ كَإِتْلَافِهَا لِلْمُعَوَّضِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ أَبَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْرُوضُ بَعْدُ) وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي تَعْرِيفِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ صَحَّحَ جَعْلَ الْمَفْرُوضِ مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ نَفْسُ الْوُجُوبِ عَنْهُ، فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى وَالْمَفْرُوضَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ أَقْسَامًا لِمُطْلَقِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ تَبَعِيَّتَهَا فِيهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِقْلَالِهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: لِتَعَيُّنِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَفِرَاقِهِ) أَيْ بَلْ جُعِلَ كَفَسْخِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَكُونُ مِنْهَا) أَيْ وَالْفِرَاقُ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِلرَّجْعِيِّ قَبْلَ الْوَطْءِ: أَيْ فَيَتَشَطَّرُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِذَا رَاجَعَهَا لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ زِيَادَةً عَلَى مَا وَجَبَ لَهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا) أَيْ كَوْنِ الْفُرْقَةِ بِالْخُلْعِ لَا مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا) غَايَةً لِقَوْلِهِ كَطَلَاقِ وَلَوْ عَطَفَهُ عَلَى خُلْعٍ فَقَالَ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا فُرْقَةٌ لَا مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ) أَيْ نَفْسِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ]
(فَصْلٌ) فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهَا الْمَهْرُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ