لَا تَصِيرُ فِرَاشًا مَا لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الْوَطْءِ (وَسَوَاءٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ (اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا) كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَخْتَلِفُ مَعَ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ، هَذَا إنْ أُلْحِقَ بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ تَدَاعَيَا أُخُوَّةَ مَجْهُولٍ فَيُقَدَّمُ الْحُرُّ لِمَا مَرَّ أَنَّ شَرْطَ الْمُلْحَقِ بِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا حَائِزًا وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْعَبْدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ، وَلَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِشَبَهٍ ظَاهِرٍ وَقَائِفٌ بِشَبَهٍ خَفِيٍّ قُدِّمَ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِحِذْقِهِ وَبَصِيرَتِهِ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ يُقَدَّمُ ذُو الْبَيِّنَةِ نَسَبًا وَدِينًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالذِّمِّيِّ تَبِعَهُ فِي نَسَبِهِ فَقَطْ وَلَا حَضَانَةَ لَهُ.
كِتَابُ الْعِتْقِ. أَيْ الْإِعْتَاقِ الْمُحَصِّلِ لَهُ، وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ لَا إلَى مَالِكٍ بَلْ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] وَقَوْلُهُ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧] أَيْ بِالْإِسْلَامِ {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧] أَيْ بِالْعِتْقِ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» .
وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: مُعْتِقٌ، وَعَتِيقٌ، وَصِيغَةٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَقَالَ: (إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ) حُرٍّ كُلُّهُ مُخْتَارٌ (مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ) وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا كَسَائِرِ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ وَمُكْرَهٍ وَمَحْجُورٍ وَلَوْ بِفَلَسٍ نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: هَذَا إنْ أُلْحِقَ بِنَفْسِهِ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا حَضَانَةَ لَهُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ فِي تَرْبِيَتِهِ وَحِفْظِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لَهُ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَيُطَالَبُ بِهَا بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ. .
كِتَابُ الْعِتْقِ وَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِوُرُودِ آثَارٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِعْتَاقُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمُسَبِّبِ وَإِرَادَةِ السَّبَبِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَازِمٌ مُطَاوِعٌ لِأَعْتَقَ، إذْ يُقَالُ أَعْتَقْت الْعَبْدَ فَعَتَقَ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ اسْتِعْمَالَهُ مُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ عَتَقْت الْعَبْدَ وَأَعْتَقْتُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجَوُّزِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا، وَقَوْلُهُ: لَا إلَى مَالِكٍ هُوَ قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ وَقَدْ يُقَالُ دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَوْ إلَى غَيْرِهِ فَيُصَدَّقُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِحَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَحْقِيقِ خَبَرٍ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَهُ إنَّمَا يَكُونُ قُرْبَةً إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ) نُصَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَنْبَهُ أَقْبَحُ وَأَفْحَشُ
(قَوْلُهُ: وَمُبَعَّضٍ) لَا يُقَالُ: الْمُبَعَّضُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرُّ فَلَمْ يَخْرُجْ بِقَوْلِهِ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ هُوَ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ بِحَالٍ، وَالْمُبَعَّضُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُهَايَأَةِ أَنَّهُ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ حُرٌّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَامْتَنَعَ مِنْهُ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ، زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْضًا: وَيُتَصَوَّرُ فِي الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ) أَيْ أَوْ
[حاشية الرشيدي]
عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَدِينًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ إلْحَاقِهِ حِينَئِذٍ بِالذِّمِّيِّ فِي الدِّينِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَمَةً مُسْلِمَةً.
[كِتَابُ الْعِتْقِ]
ِ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِعْتَاقُ الْمُحَصِّلُ لَهُ) بَلْ مَرَّ عَنْ تَحْرِيرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ مَصْدَرٌ أَيْضًا لِعَتَقَ بِمَعْنَى أُعْتِقَ (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَالِكٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ عَبَّرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ بَدَلَ إزَالَةِ الرِّقِّ لِيُخْرِجَ الْوَقْفَ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute