أَوْ خَدَمِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ وَأَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوَا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبُ لَهُ» وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» فَضَعِيفٌ.
كِتَابُ الْجِرَاحِ هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ غَلَبَتْ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ طُرُقِ الزُّهُوقِ، وَالْجِنَايَةُ أَعَمُّ مِنْهَا؛ وَلِذَا آثَرَهَا غَيْرُهُ لِشُمُولِهَا الْقَتْلَ بِسُمٍّ أَوْ مُثْقَلٍ أَوْ سِحْرٍ، وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْآتِيَةِ.
وَالْقَتْلُ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِنَحْوِ اطِّلَاعِ الْفَسَقَةِ عَلَى حَرِيمِهِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَحْمُولٌ: أَيْ مَا فِيهَا
(قَوْلُهُ: وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ) كَرَّرَ لَفْظَ لَا إشَارَةً إلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ مُسْتَقِلٌّ بِالنَّهْيِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنْ الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ: لَا تُوَافِقُوا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا دَعَا عَلَى الْمَظْلُومِ، وَوَافَقَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ اُسْتُجِيبَ لَهُ فَيُصَابُ الْمَظْلُومُ بِمَا دَعَا بِهِ عَلَيْهِ الظَّالِمُ وَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ آثِمًا بِالدُّعَاءِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ.
كِتَابُ الْجِرَاحِ (قَوْلُهُ: جَمْعُ جِرَاحَةٍ) بِالْكَسْرِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: غَلَبَتْ) أَيْ عَلَى الْجِنَايَةِ بِغَيْرِهَا.
وَقَالَ قح: لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْجِرَاحُ مَجَازًا عَنْ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفُ الْجِرَاحِ الْأَعَمِّ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مَا فِي كَلَامِهِ مِمَّا بَيَّنَّاهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا غَيْرُ التَّغْلِيبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْضًا مَجَازًا فَتَأَمَّلْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَلَى التَّغْلِيبِ يَكُونُ الْمُرَادُ الْجِرَاحَ وَغَيْرَهُ، لَكِنْ غَلَبَ الْجِرَاحُ فَعَبَّرَ بِلَفْظِهِ عَنْ الْجَمِيعِ، وَعَلَى غَيْرِهِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجِرَاحِ مُطْلَقَ الْجِنَايَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ سِيَاقُهُ لِقَوْلِهِ الْآتِي جَارِحٍ أَوْ مُثْقَلٍ، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا، وَالتَّغْلِيبُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ، وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ انْتَهَى
(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِهَا ع
(قَوْلُهُ: وَالْقَتْلُ ظُلْمًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُعَاهَدًا أَوْ مُؤَمَّنًا، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ أَفْرَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ فَقَتْلُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ، وَقَتْلُ الذِّمِّيِّ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ، وَقَدْ يَشْهَدُ لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ قَوْلُهُ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ إلَخْ.
أَمَّا الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ.
[فَائِدَةٌ] الْقَتْلُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ، وَحَرَامٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمُبَاحٌ.
فَالْأَوَّلُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَتُبْ وَالْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُسْلِمْ أَوْ يُعْطِي الْجِزْيَةَ.
وَالثَّانِي: قَتْلُ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَالثَّالِثُ قَتْلُ الْغَازِي قَرِيبَهُ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَسُبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَيْ فَإِنْ سَبَّهُمَا لَمْ يُكْرَهْ وَيَكُونُ قَتْلُهُ كَقَتْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ.
وَالرَّابِعُ قَتْلُهُ إذَا سَبَّ أَحَدَهُمَا.
وَالْخَامِسُ قَتْلُ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا قَتْلُ الْخَطَأِ فَلَا يُوصَفُ بِحَرَامٍ وَلَا حَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فِيمَا أَخْطَأَ فِيهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ انْتَهَى شَرْحُ الْخَطِيبِ.
قُلْت: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي قَتْلِ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ الْجِرَاحِ]
ِ (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهَا) لَكِنَّهَا تَشْمَلُ غَيْرَ الْمُرَادِ هُنَا كَلَطْمَةِ خَفِيفَةٍ وَكَالْجِنَايَةِ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ، فَمَا آثَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى