للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَلَى الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَالْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِمَّا يَأْتِي، وَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَتُهُ بِهَذَا كَدَيْنِ التِّجَارَةِ بَعْدَ عِتْقِهِ أَيْضًا كَوَكِيلٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ بَعْدَ عَزْلِهِمَا لَكِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لَا هُوَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ أَيْضًا) وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ وَفَاءً لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ فَكَأَنَّهُ الْبَائِعُ وَالْقَابِضُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ إذْ الْإِذْنُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، فَالْمَأْذُونُ فِي الْفَاسِدِ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ بِذِمَّتِهِ لَا بِكَسْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ (وَقِيلَ لَا) لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ صَارَ كَالْمُسْتَقِلِّ (وَقِيلَ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفَاءً فَلَا) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِمَا فِي يَدِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْمَالَ وَإِلَّا طُولِبَ جَزْمًا.

(وَلَوْ) (اشْتَرَى) الْمَأْذُونُ (سِلْعَةً) شِرَاءً صَحِيحًا (فَفِي مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِهَا هَذَا الْخِلَافُ) لِلْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ، وَالْأَصَحُّ مُطَالَبَتُهُ لِمَا مَرَّ وَمُطَالَبَتُهُ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَكَسْبِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْقَرِيبَ يُطَالِبُ بِنَفَقَتِهِ قَرِيبَهُ وَالْمُوسِرَ بِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِهِمَا فِي ذِمَّتِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَلِاحْتِمَالِ أَدَائِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ لَهُ بِهِ عَلْقَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ذِمَّتُهُ، فَإِنْ أَدَّى بَرِئَ الْقِنُّ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ لَا يُطَالِبُ بِأَنْ أَعْطَاهُ مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ فَاشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ بَلْ يَتَخَيَّرُ إنْ لَمْ يُؤَدِّهِ السَّيِّدُ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ هُنَا بِتَلَفِ مَا دَفَعَهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَخْلُفْهُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ أُرِيدَ بِمُطَالَبَةِ السَّيِّدِ أَلْزَمَهُ بِمَا يُطَالِبُ بِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ الْعَرْضَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ الْعَبْدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَلَقَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ.

(وَلَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَتِهِ) لِوُجُوبِهِ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَالصَّدَاقِ (وَلَا بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ) وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ، وَتَقَدَّمَ الْجَمْعُ آنِفًا بَيْنَ هَذَا وَمُطَالَبَتِهِ فَزَعَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ مَرْدُودٌ، وَجَوَابُ الشَّارِحِ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِمَّا يَكْتَسِبُهُ الْعَبْدُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ. نَعَمْ إنْ حُمِلَ عَلَى كَسْبٍ قَبْلَ الْحَجْرِ كَانَ صَحِيحًا (بَلْ يُؤَدِّي مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ لِاقْتِضَاءِ الْإِذْنِ وَالْعُرْفِ ذَلِكَ (وَكَذَا مِنْ كَسْبِهِ) الْحَاصِلِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَا بَعْدَهُ (بِالِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِهِ بِهِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَهْرُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْأَدَاءِ فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِذِمَّةِ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ مِنْ كَسْبِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ) وَكَذَا الْمَأْذُونُ فِي الصَّحِيحِ حَيْثُ تَعَاطَى الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا اعْتِقَادُهُمَا كَأَنْ كَانَ الْعَبْدُ شَافِعِيًّا مَثَلًا فَبَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا عِنْدَهُ غَيْرَ صَحِيحٍ عِنْدَ سَيِّدِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ السَّيِّدِ فَلَهُ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنْ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ كَسْبِهِ.

[فَائِدَةٌ] لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَالِكِيًّا وَالْعَبْدُ شَافِعِيًّا وَأَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ فَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ إلَّا فِي الْأَمْرِ الْجَائِزِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا طُولِبَ) أَيْ السَّيِّدُ.

[مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَى الرَّقِيق الْمَأْذُونُ]

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُطَالَبُ) أَيْ السَّيِّدُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْجَمْعُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمُطَالَبَتِهِ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الرَّقِيقِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْلُفْهُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا هُنَا

[تَعَلُّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَةِ الرَّقِيق الْمَأْذُونُ]

. (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ لِلْحَجْرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ حَجْرٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُؤَدِّي لَا بِقَوْلِهِ يَكْتَسِبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ الْكَسْبَ الْحَاصِلَ قَبْلَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ قَدْ أَشَارَ بِهَذِهِ الْبَعْدِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي الْأَدَاءِ أَوَّلًا مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَلَا يُؤَدِّي مِنْ أَكْسَابِهِ إلَّا إنْ عَجَزَتْ أَمْوَالُ التِّجَارَةِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ هُنَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِيَكْتَسِبَهُ فَتُوُهِّمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>