للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَمَالِ التِّجَارَةِ، وَمَنْ جَهِلَهَا عُرِّفَ بِهَا، فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ، وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ قَهْرًا كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَفُرِضَتْ الزَّكَاةُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَتَجِبُ فِي ثَمَانِيَةِ أَمْوَالٍ كَمَا تُصْرَفُ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ، وَلَمَّا كَانَتْ الْأَنْعَامُ أَكْثَرَ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، وَالْإِبِلُ أَشْرَفَهَا بَدَأَ بِهَا اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ الْآتِي، فَقَالَ:

بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ وَلِزَكَاةِ الْحَيَوَانِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ النَّعَمُ كَمَا قَالَ (إنَّمَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيَوَانِ (فِي النَّعَمِ) بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) الْإِنْسِيَّةُ.

سُمِّيَتْ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلنَّمَاءِ غَالِبًا لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا، وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ وَجَمْعُ أَنْعَامٍ أَنَاعِمُ، وَأَفَادَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ بَلْ هُوَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَوْفَقُ (قَوْلُهُ كَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ) مِثَالٌ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ.

(بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) (قَوْلُهُ: زَكَاةُ الْحَيَوَانِ)

[تَنْبِيهٌ] أَبْدَلَ شَيْخُنَا الْحَيَوَانَ بِالْمَاشِيَةِ، وَذَكَرَ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ النَّعَمِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حُكْمًا وَإِبْدَالًا فَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ، وَقَوْلُهُ وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إلَخْ اهـ.

أَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الشَّيْخِ بِأَنَّهَا أَعَمُّ عُرْفًا، وَقَوْلُ حَجّ: وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّ النَّعَمَ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ اتِّفَاقًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَعِبَارَتُهُ: النَّعَمُ الْمَالُ الرَّاعِي، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: النَّعَمُ الْإِبِلُ فَقَطْ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَجَمْعُهُ نُعْمَانٌ مِثْلُ جَمَلٍ وَجُمْلَانٌ وَأَنْعَامٌ أَيْضًا، وَقِيلَ النَّعَمُ الْإِبِلُ خَاصَّةً، وَالْأَنْعَامُ ذَوَاتُ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْأَنْعَامُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا انْفَرَدَتْ الْإِبِلُ فَهِيَ نَعَمٌ، وَإِذَا انْفَرَدَتْ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ لَمْ تُسَمَّ نَعَمًا (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ أَرْبَعَةٌ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدِّهَا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مُضِيَّ الْحَوْلِ شَرْطًا وَبَقَاءَهَا فِي مِلْكِهِ إلَى تَمَامِهِ شَرْطًا آخَرَ وَالْمَنْهَجُ جَعَلَ مَجْمُوعَهُمَا شَرْطًا وَاحِدًا حَيْثُ قَالَ: وَثَالِثُهَا مُضِيُّ حَوْلٍ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: اسْمُ جَمْعٍ إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ الْإِبِلُ وَالنَّعَمُ اسْمَيْ جَمْعٍ وَالْبَقَرُ اسْمَ جِنْسٍ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ بِخِلَافِ النَّعَمِ وَالْإِبِلِ، وَفِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ: أَنَّ الْكَلِمَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَلَيْسَ جَمْعًا لِعَدَمِ غَلَبَةِ التَّأْنِيثِ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ يَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّأْنِيثُ وَلَا اسْمَ جَمْعٍ لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ كَلِمَةٌ، بِخِلَافِ اسْمِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ أَنْ يَكُونَ الْغَنَمُ اسْمَ جَمْعٍ.

وَفِي الْمُخْتَارِ: الْغَنَمُ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا صَغَّرْتهَا أَلْحَقْتهَا التَّاءَ فَقُلْت غُنَيْمَةٌ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فَالتَّأْنِيثُ لَهَا لَازِمٌ اهـ.

وَهُوَ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ مُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مَعَ كَوْنِهِ اسْمَ جَمْعٍ عَلَى مَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُ آخِرًا حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ) أَيْ بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ) أَيْ الْمُقَدِّمِ لَهَا لِلْعِلَّةِ الْمَارَّةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفَ هَذَا عَلَيْهَا كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ

[بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ]

[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

(قَوْلُهُ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ) أَيْ مَعْنًى لَا لَفْظًا

<<  <  ج: ص:  >  >>