للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْفِعْلِ مِنْ الْمَكَانِ فَافْتَرَقَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتُهَا مُحْتَمِلَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَيْسَ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِإِيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَا تَنْعَقِدَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ لِيُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا مَا سَبَبُهُ مُتَأَخِّرٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَالْإِحْرَامِ فَيَمْتَنِعُ فِي وَقْتِهَا مُطْلَقًا، وَقَدْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَة لِلْمَكَانِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) فِي (حَرَمِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِخَبَرِ «يَا بَنِي عَبْدِ مُنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ فَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ.

نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي مُقْنِعِ الْمَحَامِلِيِّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تُكْرَهُ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَحُمِلَتْ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الطَّوَافَ سَبَبُهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَخْصِيصٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَخَرَجَ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَقَالَ فَصْلٌ (إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ أَوْ غَيْرُهُ، فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَقَسِيمَيْهِ) وَهُمَا التَّأْخِيرُ وَالْمُقَارَنَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مُحْتَمَلَةٌ إلَخْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ الْمُفِيدِ لِلْجَزْمِ بِكَوْنِهَا كَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَظْهَرُ) هُوَ قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَعَلَيْهِ فَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ، وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ فِي وَقْتِهَا مُطْلَقًا) قَصَدَ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) لَا يُقَالُ: هُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا عُرِفَ.

لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ قَوْلُهُ: وَصَلَّى صَرِيحًا فِي إرَادَةِ مَا يَشْمَلُ سُنَّةَ الطَّوَافِ وَغَيْرَهَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِيهِ.

نَعَمْ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا صَلَّى» مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّوَافِ وَبِهَا يُضَعَّفُ الْخِلَافُ اهـ حَجّ.

فَصْلٌ: إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: فَصْلٌ) إنْ قُلْت التَّعْبِيرُ بِالْفَصْلِ لَا وَجْهَ لَهُ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ تَحْتَ بَابِ الْمَوَاقِيتِ. قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهَا مَطْلُوبَةً لِذَاتِهَا بَلْ لِيُعْرَفَ بِهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ عِنْدَ دُخُولِهَا نُزِّلَتْ مَعْرِفَةُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ مَنْزِلَةَ الْمَسَائِلِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ الْمَوَاقِيتِ، عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْدِيرُ بَابِ الْمَوَاقِيتِ عَقِبَ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْفَصْلِ فِي مَحَلِّهِ، أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْفَصْلِ عَنْ الْبَابِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ) أَيْ السَّابِقَةُ اهـ حَجّ.

قَالَ سم عَلَيْهِ: أَيْ فَأَلْ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ) أَشَارَ بِلَفْظِ كُلِّ إلَى عُمُومِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ بِدُونِهَا مُطْلَقٌ مُحْتَمِلٌ لِإِرَادَةِ الْمَاهِيَّةِ فِي ضِمْنِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا مَضَى) هَذَا مَجَازٌ يَحْتَاجُ فِي تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ إلَى قَرِينَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قُلْت: يُمْكِنُ جَعْلُ الْقَرِينَةِ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي فَلَا قَضَاءَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْمُرْتَدَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمَنْهَجِ لِتَقْيِيدِهِ الْكَافِرَ بِالْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْقَرِينَةَ الَّتِي بَنَى عَلَيْهَا التَّعْمِيمَ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُطَالَبُ مِنَّا وَإِلَّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ]

قَوْلُهُ: وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ) أَيْ مِنَّا وَإِلَّا، فَهُوَ مُطَالَبٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَلِهَذَا عُوقِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>