للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ بَقَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى حَقِّهِ تَعَالَى؛ إذْ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا تَوْبَةٌ صَحِيحَةٌ، وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَوَدِ لَا يُفِيدُ إلَّا إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَالْقَتْلُ لَا يُقْطَعُ لِأَجَلٍ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (الْفِعْلُ) كَالْجِنْسِ، وَلِذَا أَخْبَرَ عَنْهُ بِثَلَاثَةٍ (الْمُزْهِقُ) كَالْفَصْلِ لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ تَقْسِيمٌ غَيْرُهُ كَذَلِكَ أَيْضًا (ثَلَاثَةٌ) لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَصَحَّ أَيْضًا «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ»

(عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) أَخَّرَهُ عَنْهُمَا لِأَخْذِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَبَهًا وَسَيَأْتِي حَدُّ كُلٍّ (وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ) الْآتِي إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْخَطَأِ لِآيَةِ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: ٩٢] وَشِبْهِ الْعَمْدِ لِلْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَ) عَيْنِ (الشَّخْصِ) يَعْنِي الْإِنْسَانَ، إذْ لَوْ قَصَدَ شَخْصًا يَظُنُّهُ شَجَرَةً فَبَانَ إنْسَانًا كَانَ خَطَأً كَمَا يَأْتِي (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) فَقَتْلُهُ هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، فَإِنْ أُرِيدَ تَقْيِيدُ إيجَابِهِ لِلْقَوَدِ زِيدَ فِيهِ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ لِإِخْرَاجِ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ شُبْهَةٍ كَمَنْ أَمَرَهُ حَاكِمٌ بِقَتْلٍ بَانَ خَطَؤُهُ فِي سَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ كَتَبَيُّنِ رِقِّ شَاهِدٍ بِهِ، وَكَمَنْ رَمَى لِمُهْدَرٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِتَعْوِيضِ اللَّهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ بَقَائِهَا) أَيْ الْمُطَالَبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ

(قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي التَّوْبَةِ

(قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ) أَيْ لِمِثْلِهِ

(قَوْلُهُ: الْفِعْلُ كَالْجِنْسِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْجِنْسِ: أَيْ وَلَامُ الْفِعْلِ لِلْجِنْسِ، ثُمَّ الْمُرَادُ أَقْسَامُ الْفِعْلِ ثَلَاثَةٌ، وَإِلَّا فَالْجِنْسُ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهَا وَلَا تَكْثُرُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ: تَقْسِيمٌ) وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُزْهَقِ قح، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ الْآتِيَةُ، أَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ لَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ

(قَوْلُهُ: قَتِيلِ السَّوْطِ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فَفِي الْمُخْتَارِ الْخَلِفُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ الْمَخَاضُ وَهِيَ الْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ الْوَاحِدَةُ خِلْفَةٌ بِوَزْنِ نِكْرَةٍ

(قَوْلُهُ: «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ» ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِ) حَالٌ مِنْ مِائَةٍ لِتَقْدِيمِهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِيهِ مِائَةٌ) خَبَرُ إنَّ

(قَوْلُهُ: وَشِبْهُ عَمْدٍ) أَيْ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَالْعَمْدِ

(قَوْلُهُ: لِأَخْذِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَبَهًا) وَهُوَ مِنْ الْعَمْدِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ وَمِنْ الْخَطَأِ كَوْنُهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا

(قَوْلُهُ: وَشِبْهِ الْعَمْدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) هُمَا: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ» إلَخْ، وَالثَّانِي: «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ» إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الْعَمْدُ

(قَوْلُهُ: يَعْنِي الْإِنْسَانَ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إنْسَانًا وَإِلَّا لَمْ يُخْرِجْ صُورَةَ النَّخْلَةِ قح، وَمُرَادُهُ بِالْإِنْسَانِ الْبَشَرُ فَيَخْرُجُ الْجِنُّ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الشَّارِعِ فِيهِمْ شَيْءٌ

(قَوْلُهُ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ قح (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ) إنَّمَا زَادَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَصْدِهِ إصَابَةُ السَّهْمِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إصَابَتِهِ قَتْلُهُ، فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ فِيهِ الْقِصَاصُ

(قَوْلُهُ: هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ) قَدْ يُلْتَزَمُ أَنَّهُ حَدٌّ لِلْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ قَيْدَيْنِ مَفْهُومَيْنِ مِنْ الْمَبَاحِثِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ لِقَرِينَةٍ اهـ قح

(قَوْلُهُ: زِيدَ فِيهِ) أَيْ الْحَدِّ

(قَوْلُهُ: شَاهِدٍ بِهِ) أَيْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْآدَمِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي حَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَوَدَ بِنَفْسِهِ لَا يُفِيدُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ. أَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا عُرِفَ بِهِ مِنْ الْعَمْدِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَهُ مَفْهُومٌ، إذْ الْقَطْعُ مَثَلًا لَا يُعْتَبَرُ مِنْهُ كَوْنُهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا إذْ لَا قَتْلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ هُوَ مَنْطُوقُ الْخَبَرِ، عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا آخَرَ يُخَالِفُ مَنْطُوقَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ لَفْظِ فِيهِ فِي الْخَبَرِ

[أَنْوَاعُ الْجِرَاحِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ]

(قَوْلُهُ: يَعْنِي: الْإِنْسَانَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إنْسَانًا (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الْإِتْلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>