(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ، وَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدَيْنِ، وَذِكْرُ أَحْكَامِ الْقِرَاضِ (يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْقَرْضِ أَيْضًا (إيجَابٌ) كَقَارَضْتُكَ وَعَامَلْتُكَ وَضَارَبْتُكَ وَخُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَاتَّجِرْ فِيهَا أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى بِعْ وَاشْتَرِ فَسَدَ (وَقَبُولٌ) بِلَفْظٍ مُتَّصِلٍ بِالْإِيجَابِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ، وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا (وَقِيلَ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ) كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَلَا يُشْبِهُهُمَا، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْوَجْهَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ كَخُذْ هَذَا الْأَلْفَ مَثَلًا وَاتَّجِرْ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَوْ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّيغَةِ كَقَارَضْتُك وَضَارَبْتُك، وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَأَكْثَرِ الشُّرَّاحِ ذَلِكَ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى. قَالَ الْغَزِّيِّ. وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ طَرِيقَةٌ تَقَدَّمَتْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ الْوَجْهَ صَحِيحٌ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَكَالَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ قَطْعًا وَلَنَا وَجْهٌ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ مُطْلَقًا.
(وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (كَوَكِيلٍ وَمُوَكِّلٍ) لِأَنَّ الْمَالِكَ كَالْمُوَكِّلِ وَالْعَامِلَ كَالْوَكِيلِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ أَوْ الْعَامِلُ أَعْمَى لَمْ يَصِحَّ، وَيَجُوزُ لِوَلِيٍّ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ أَنْ يُقَارِضَ مَنْ يَجُوزُ إيدَاعُهُ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلُ) فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ أَحْكَامِ الْقِرَاضِ) أَيْ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ وَإِلَّا فَمَا مَرَّ وَيَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا عَدَاهَا كَأَنَّهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا، وَأَنَّ مُقَارَضَةَ الْمَالِكِ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَمُقَارَضَةَ الْعَامِلِ آخَرَ لِافْتِقَارِهَا لِلصِّيغَةِ كَأَنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا فَطَالَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فَأَخَّرَهَا لِذَلِكَ وَتَرْجَمَ لَهَا بِالْفَصْلِ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ زَائِدَةٌ عَلَى الْأَرْكَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَسَدَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ الْقِرَاضُ حَتَّى لَوْ أُطْلِقَ كَانَ تَوْكِيلًا صَحِيحًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ تَوْكِيلًا صَحِيحًا: أَيْ بِلَا جُعْلٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا، وَعِبَارَةُ حَجّ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى بِعْ أَوْ اشْتَرِ فَسَدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَطْمَعًا اهـ.
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا طَلَبَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَأَحْضَرَ لَهُ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ لَهُ وَقَالَ اتَّجِرْ فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَلَا يُشْبِهُهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهَا وَالْجَعَالَةُ لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْعَامِلُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَمَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ وَلَيْسَ هُوَ ابْنَ قَاسِمٍ شَارِحَ الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْعَامِلُ أَعْمَى) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ أَعْمَى فَيَجُوزُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ مُقَارَضَتُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَمَا يَمْتَنِعُ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ]
فَصْلُ) فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى بِعْ وَاشْتَرِ فَسَدَ) أَيْ: وَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَهَذَا حِكْمَةُ النَّصِّ عَلَى هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَالْفَسَادُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ، وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي التُّحْفَةِ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ فِي مَسْأَلَةِ اتَّجِرْ فِيهَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَانْظُرْ مَا وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ) أَيْ: هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي حَتَّى يَتَأَتَّى التَّعْبِيرُ بِ يَشْمَلُ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute