قَرِيبَةِ التَّمَاثُلِ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَدْخَلَ الظَّرْفَ فِي الْحِسَابِ، فَفِي مِائَةٍ بِظَرْفِهَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ جِنْسِ الظَّرْفِ أَوْ يَقُولُ مِائَةٌ مِمَّا شِئْت، وَفِي مِائَةِ قَدَحِ بُنٍّ بِظَرْفِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ عُرْفًا كَمَا ذُكِرَ، أَمَّا لَوْ قَالَ مِائَةُ رِطْلٍ فَالظَّرْفُ مِنْهَا (لَا جِنْسُ الدَّابَّةِ وَ) لَا (صِفَتُهَا) فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمَا فِي الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ (إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُجَرَّدُ نَقْلِ الْمَتَاعِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) فِي الطَّرِيقِ نَحْوُ وَحْلٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ أَوْ يَكُونُ (الْمَحْمُولُ) الَّذِي شُرِطَ فِي الْعَقْدِ (زُجَاجًا) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (وَنَحْوَهُ) مِمَّا يَسْرُعُ انْكِسَارُهُ كَالْخَزَفِ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتُهَا كَمَا فِي الْإِجَارَةِ لِلرُّكُوبِ مُطْلَقًا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْمَحْمُولِ التَّعَرُّضَ لِسَيْرِ الدَّابَّةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سُرْعَةً وَإِبْطَاءً عَنْ الْقَافِلَةِ لِأَنَّ الْمَنَازِلَ تَجْمَعُهُمْ وَالْعَادَةُ تُبَيِّنُ وَالضَّعْفُ فِي الدَّابَّةِ عَيْبٌ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَ تَعْيِينِهَا فِي التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لِاخْتِلَافِ السَّيْرِ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ.
(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا، وَمَنَافِعَ يَخْفَى الْجَوَازُ فِيهَا وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا.
(لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ) وَلَوْ صَبِيًّا وَعَبْدًا وَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرَفَ عَائِدَتَهُ لِلْإِسْلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَبِهِ فَارَقَ حِلَّ أَخْذِهِ الْأُجْرَةِ عَلَى نَحْوِ تَعْلِيمٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِإِلْحَاقِ الْمُرَابِطَةِ عِوَضًا عَنْ الْجُنْدِيِّ بِالْجِهَادِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لَهَا، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَصِحُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَيْنَ الصُّورَةِ الْأُولَى وَالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَدْخَلَ الظَّرْفَ) أَيْ الظَّرْفَ وَحِبَالَهُ (قَوْلُهُ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَقْلِ أَحْمَالٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ السُّوَيْسِ إلَى جُدَّةَ مَثَلًا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّفِينَةِ الَّتِي يُحْمَلُ فِيهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَحْمِلُهُ فِي سَفِينَةٍ تَلِيقُ عُرْفًا بِحَمْلِ مِثْلِ ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَيْبٌ) أَيْ فَيُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ.
(فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا وَمَنَافِعَ يَخْفَى الْجَوَازُ فِيهَا (قَوْلُهُ: إجَارَةُ مُسْلِمٍ) شَامِلٌ لِلْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي أَوْ مُرْتَدٍّ وَالْمُسْلِمُ شَامِلٌ لِلْإِمَامِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْآحَادُ لِلْجِهَادِ لَمْ يَصِحَّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ إبْدَالُ نَفْسِهِ بِاسْتِئْجَارِ ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ فَرَّعَهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِلْإِسْلَامِ) أَيْ فَائِدَتُهُ (قَوْلُهُ: لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ) أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا، فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ كَانَ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الصَّفِّ (قَوْلُهُ: عَنْ الْجُنْدِيِّ) وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا]
فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَصَرْفُ عَائِدَتِهِ لِلْإِسْلَامِ) أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ حِلَّ أَخْذِهِ الْأُجْرَةَ عَلَى نَحْوِ تَعْلِيمٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِوُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ خُرُوجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِكَوْنِهِ أَدَّى مَا لَزِمَهُ فَالتَّعْلِيمُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ فَائِدَةَ الْجِهَادِ تَقَعُ لَهُ وَتَعُودُ إلَيْهِ فَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَعُودُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَحَدُهُمَا، كَمَا أَنَّ فَائِدَةَ التَّعْلِيمِ لَا تَعُودُ عَلَى الْمُعَلِّمِ بَلْ لِلْمُتَعَلِّمِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ يَكْفِي عَوْدُ الْفَائِدَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَخُصَّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
أَقُولُ: وَالْفَرْقُ حَاصِلٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ إذْ مَعْنَى تَعْيِينِهِ عَلَيْهِ الَّذِي امْتَازَ بِهِ عَنْ الْمُعَلِّمِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ كَانَ التَّعَيُّنُ عَلَيْهِ عَيْنِيًّا لِذَاتِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْكِفَايَةُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَصِحُّ إلَخْ) أَيْ: وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِالْعَمَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute