للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي فِدَائِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ لَهُ الرُّجُوعَ كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ الْبَابِ الضَّمَانُ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَالَ إزْعَاجُ الْجُنُودِ لِخَلَاصِ أَسِيرٍ بَعِيدٍ.

(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا (يُكْرَهُ غَزْوٌ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الطَّلَبُ إذْ الْغَازِي يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعْرَفُ بِالْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِجَوَازِ التَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمُرْتَزِقٍ اسْتِقْلَالٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَجِيرٍ لِغَرَضٍ مُهِمٍّ يُرْسَلُ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إنْ فَوَّتَ الِاسْتِئْذَانَ الْمَقْصُودَ أَوْ عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا بَحَثَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، نَعَمْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ فِتْنَةٌ

(وَيُسَنُّ) لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَنْعُ مُخْذِلٍ وَمُرْجِفٍ مِنْ الْخُرُوجِ وَحُضُورِ الصَّفِّ وَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ مَا لَمْ يَخْشَ فِتْنَةً، بَلْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَنَّ بَقَاءَهُ مُضِرٌّ بِغَيْرِهِ، وَ (إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِأَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ مُتَوَهَّمٌ وَضَرَرُ الْأَسْرِ مُحَقَّقٌ وَالْمُحَقَّقُ لَا يُتْرَكُ لِلْمُحْتَمِلِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ إنْ ظَهَرَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَامَّةٌ لَمْ يَبْعُدْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي رَدِّ سِلَاحِهِمْ لَهُمْ فِي تَخْلِيصِ أَسْرَانَا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي بَيَانِ الْجِزْيَةِ مَا نَصُّهُ:

وَالْعَيْنُ إنْ أُكْرِهَ وَالْفِدَاءُ لَمْ ... يَبْعَثْ وَلَوْ شَرْطًا كَعَوْدٍ الْتُزِمْ

أَيْ وَلَوْ الْتَزَمَ بَعْثَ الْفِدَاءِ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَبْعَثُهُ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِيَعْتَمِدُوا الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى.

قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمَالُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِمْ فِدَاءً لَا يَمْلِكُونَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَوْلُهُ كَعَوْدٍ: أَيْ كَمَا يَحْرُمُ عَوْدٌ إلَيْهِمْ وَإِنْ شُرِطَ اهـ.

وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ مِثْلُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِاللُّزُومِ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ لَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِعَدَمِ دَفْعِهِ لِلْكَافِرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا أُتِيَ بِالْتِزَامٍ عَلَى صُورَةِ الشَّرْطِ، وَمَا هُنَا بِصُورَةِ مُعَاوَضَةٍ حَيْثُ قَالَ أَطْلِقْ هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَى كَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ الْأَسِيرِ.

(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: إذْ الْغَازِي) أَيْ وَسُمِّيَ الْمُقَاتِلُ غَازِيًا؛ لِأَنَّ الْغَازِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَطِّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ فَيَخُصُّ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَزْوِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِالْغُزَاةِ الْمُتَطَوِّعِينَ بِالْغَزْوِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِمُرْتَزِقِ) هُوَ مَنْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الدِّيوَانِ وَجُعِلَ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً) أَفَادَ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ السَّرِيَّةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) أَيْ الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ خَاصَّةً، وَأَمَّا لُزُومُ الْفِدَاءِ لِلْكَافِرِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ ثُمَّ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ افْتِدَائِهِ غَيْرَهُ حَيْثُ يَلْزَمُهُ مَا افْتَدَاهُ بِهِ وَبَيْنَ افْتِدَائِهِ نَفْسَهُ؟ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي فَصْلِ الْأَمَانِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ بَذْلُهُ.

[فَصْلٌ فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

(فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَنْعِ وَالْإِخْرَاجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>