للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَرَّ بَيَانُهَا أَوَّلَ الْبَابِ وَذَكَرَهَا مِثَالُ (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ) مَنْ يَثِقُ بِدِينِهِ، وَيُسَنُّ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا فِي الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ، وَيَأْمُرُهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالسَّارِيَةُ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ.

قَالَ: وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ يَعْنِي السَّرِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَخْفَى ذَهَابُهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْ السِّرِّ، وَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ الْمَادَّةِ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ تَخْرُجُ مِنْهُ ثُمَّ تَعُودُ إلَيْهِ، وَهِيَ مِائَةٌ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ يُسَمَّى مَنْسَرًا، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّمَانِمِائَةٍ سُمِّيَ جَيْشًا، فَإِنْ زَادَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ آلَافٍ سُمِّيَ جَحْفَلًا، وَالْخَمِيسُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَمَا افْتَرَقَ مِنْ السَّرِيَّةِ يُسَمَّى بَعْثًا، وَالْكَتِيبَةُ: مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ، وَعَدَدُ مَغَازِيهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّتِي خَرَجَ بِنَفْسِهِ فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، وَقَاتَلَ فِي تِسْعٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ: بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، وَالْمُرَيْسِيعُ، وَالْخَنْدَقُ، وَقُرَيْظَةُ، وَخَيْبَرُ، وَفَتْحُ مَكَّةَ، وَحُنَينٌ، وَالطَّائِفُ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَكَّةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً.

وَكَانَتْ سَرَايَاهُ الَّتِي بَعَثَهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ إنَّهُ قَاتَلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ اهـ بِاخْتِصَارٍ اهـ مَوَاهِبُ.

قَالَ حَجّ: وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ اهـ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ السِّيَرِ.

وَعِبَارَتُهُ: وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً وَهِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ مَنْسَرٌ بِنُونٍ فَمُهْمَلَةٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ جَيْشٌ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَمَا زَادَ جَحْفَلٌ.

وَالْخَمِيسُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَفِرْقَةُ السَّرِيَّةِ تُسَمَّى بَعْثًا، وَالْكَتِيبَةُ: مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ.

وَكَانَ أَوَّلُ بُعُوثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ فِي رَمَضَانَ، وَقِيلَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَعِبَارَةُ الشَّامِيِّ فِي بَابِ جِمَاعِ مَغَازِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصُّهَا: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفِيهَا قَاتَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِسْعِ غَزَوَاتٍ: بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، وَالْخَنْدَقُ، وَقُرَيْظَةُ، وَالْمُصْطَلِقُ وَهِيَ الْمُرَيْسِيعُ، وَخَيْبَرُ، وَالْفَتْحُ، وَحُنَينٌ، وَالطَّائِفُ.

وَيُقَالُ إنَّهُ قَاتَلَ أَيْضًا فِي بَنِي النَّضِيرِ وَوَادِي الْقُرَى وَالْغَابَةِ.

وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ وَأَهْمَلَ عَدَّ قُرَيْظَةَ؛ لِأَنَّهُ ضَمَّهَا إلَى الْخَنْدَقِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ إثْرَهَا، وَأَفْرَدَهَا غَيْرُهُ لِوُقُوعِهَا مُنْفَرِدَةً بَعْدَ هَزِيمَةِ الْأَحْزَابِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَرَّانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُطَهَّرِ الرَّافِضِيِّ: لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ قَاتَلَ أَيْضًا فِي كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِمَّنْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَى أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ فِي غَزْوَةٍ إلَّا فِي أُحُدٍ فَقَطْ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ ضَرَبَ أَحَدًا بِيَدِهِ إلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ ضَرَبَهُ بِجَرِيدَةٍ فِي يَدِهِ اهـ.

قُلْتُ: وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ قَاتَلَ فِي كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ فِي هَذِهِ الْغَزَوَاتِ قِتَالٌ قَاتَلَتْ فِيهَا جُيُوشُهُ بِحَضْرَتِهِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْغَزَوَاتِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ أَصْلًا، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ بِنَفْسِهِ فِي ثَمَانِ غَزَوَاتٍ، وَرَاجَعْتُ نُسْخَةً صَحِيحَةً مِنْ مَغَازِي ابْنِ عُقْبَةَ وَنَصُّهَا: ذِكْرُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهَا بَدْرٌ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَنَّهُ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَسَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَمَى بِقَوْسِهِ حَتَّى صَارَتْ شَظَايَا، وَأَنَّهُ أَعْطَى ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ يَوْمَ أُحُدٍ سَيْفَهُ فَقَالَ اغْسِلِي دَمَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمَرَّ بَيَانُهَا أَوَّلَ الْبَابِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ بَيَانُهَا عَلَى مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُهَا مِثَالٌ) أَيْ أَوْ أَرَادَ بِهَا أَعَمَّ مِنْ مَعْنَاهَا السَّابِقِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ) يَنْبَغِي وِفَاقًا لِلطِّبِّ الْوُجُوبُ إذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَرَّ بَيَانُهَا) لَمْ يَمُرَّ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ: السَّرِيَّةُ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَنَحْوُهَا وَدُونَهَا، سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي اللَّيْلِ وَتُخْفِي ذَهَابَهَا، وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، يُقَالُ أَسْرَى وَسَرَى: إذَا ذَهَبَ لَيْلًا اهـ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَحْمَلِ: السَّرِيَّةُ خَيْلٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ، وَضَعَّفَ ابْنُ الْأَثِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا خُلَاصَةُ الْعَسْكَرِ وَخِيَارُهُ مِنْ الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفِيسِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>