للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الْحِرَاسَةُ بِالسُّجُودِ دُونَ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الرَّاكِعَ تُمْكِنُهُ الْمُشَاهَدَةُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأَنْ يَحْرُسَ أَقَلُّ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ هَذِهِ الْفِرْقَةِ لِزِيَادَةِ التَّخَلُّفِ فِيهَا عَلَى مَا فِي الْخَبَرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِتَعَدُّدِ الرَّكْعَةِ غَيْرُ مُضِرَّةٍ.

الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ مَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِهِ (يَكُونُ) الْعَدُوُّ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ أَوْ فِيهَا وَدُونَهُمْ حَائِلٌ وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ وَقَدْ قَلَّ عَدُوُّهُمْ وَخَافُوا هُجُومَهُمْ مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ (فَيُصَلِّي) الْإِمَامُ بِهِمْ (مَرَّتَيْنِ كُلُّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ) جَمِيعَ الصَّلَاةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً أَمْ ثُلَاثِيَّةً أَمْ رُبَاعِيَّةً، وَتَكُونُ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى تُجَاهَ الْعَدُوِّ تَحْرُسُ، ثُمَّ تَذْهَبُ الْمُصَلِّيَةُ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْفِرْقَةُ الْحَارِسَةُ فَيُصَلِّي بِهَا مَرَّةً أُخْرَى جَمِيعَ الصَّلَاةِ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ نَفْلًا لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْأُولَى (وَهَذِهِ) (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِبَطْنِ نَخْلٍ) مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ.

أَمَّا حَالَةُ الْخَوْفِ كَهَذِهِ الصُّورَةِ فَيُسْتَحَبُّ كَمَا ذَكَرَاهُ؛ لِأَنَّا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ نَرْتَكِبُ أَشْيَاءَ لَا تُفْعَلُ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

أَمَّا فِيهَا فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا.

وَنُقِلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُمْ فِي الْعَدَدِ بِأَنْ يَكُونُوا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِمَّا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ رِجَالٍ حَيْثُ كَانَ الْقَوْمُ فِيهِمْ كَثْرَةٌ، وَمُرَادُهُ الْكَرَاهَةُ فِي هَذَا النَّوْعِ وَبَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ: وَيُكْرَهُ كَوْنُ الْفِرْقَةِ الْمُصَلِّيَةِ وَاَلَّتِي فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ.

قَالَ الشَّارِحُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَأْتِي فِي صَلَاتَيْ بَطْنِ نَخْلٍ وَعُسْفَانَ، وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لِشُمُولِ الدَّلِيلِ لَهَا اهـ

(قَوْلُهُ: كُلُّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ فَضِيلَةُ الْفِرْقَةِ الْأُولَى أَكْثَرُ أَوْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْفَضِيلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ اسْتِوَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَإِنْ كَانَتْ خَلَفًا نَفْلٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا هُنَا فَسَاوَتْ الْأُولَى، وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَتَى بِصَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ كَامِلَةً، وَلَوْ فُضِّلَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لِرُبَّمَا أَدَّى إلَى التَّنَازُعِ فِيمَنْ تَكُونُ أَوْلَى وَقَدْ يُفَوِّتُ ذَلِكَ تَدْبِيرَ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ نَفْلًا) قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ فِي حَوَاشِي التَّحْرِيرِ أَيْ وَهِيَ مُعَادَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَةِ اهـ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُصُولُ الْجَمَاعَةِ لَهُمْ، فَكَأَنَّ الْإِعَادَةَ طُلِبَتْ مِنْهُ لِأَجْلِهِمْ لَا لَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَنْقُولًا فَمُسَلَّمٌ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، وَلَيْسَتْ الْإِعَادَةُ مَقْصُورَةً عَلَى طَلَبِ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِهِ بَلْ الْإِعَادَةُ لِذَلِكَ وَلِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ لَهُ، وَهَذَا أَشْبَهَ بِمَا لَوْ أَرَادَ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمُعَادَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ) أَيْ وَمَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ السُّنَّةِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُمْ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ بِمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ وَكَانَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَ أَحَدِهِمْ سَالِمَةً مِمَّا تُرِكَ طَلَبُ الصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِهِ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَؤُمَّ الثَّانِيَةَ وَاحِدٌ مِنْهَا كَانَ أَفْضَلَ لِيُسَلِّمُوا

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَعْضَ صَفٍّ وَفِي أُخْرَى يَحْرُسُ بَعْضَ الْآخَرِ يُرَاجَعُ.

[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْأَمْنِ عَقِبَ قَوْلِهِ مَحَلُّهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِخُصُوصِ الْحَمْلِ الثَّانِي أَيْ قَوْلِهِ أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى فِي الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) اُنْظُرْ الْمُخَالَفَةَ إلَى مَاذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>