للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَتَيْنِ وَالْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ مَثَلًا، فَإِذَا صَلَّى بِطَائِفَةٍ، وَهِيَ مِائَةٌ تَبْقَى مِائَةٌ فِي مُقَابَلَةِ مِائَتِي الْعَدُوِّ، وَهَذِهِ أَقَلُّ دَرَجَاتِ الْكَثْرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا.

وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ (أَوْ تَقِفُ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، أَوْ فِيهَا وَثَمَّ سَاتِرٌ (وَيُصَلِّي) الْإِمَامُ (بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً) مِنْ الثُّنَائِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَنْحَازَ بِهِمْ إلَى مَكَان لَا يَبْلُغُهُمْ فِيهِ سِهَامُ الْعَدُوِّ (فَإِذَا قَامَ) الْإِمَامُ (لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ) بِالنِّيَّةِ بَعْدَ الِانْتِصَابِ اسْتِحْبَابًا وَقَبْلَهُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ جَوَازًا (وَأَتَمَّتْ) لِنَفْسِهَا (وَذَهَبَتْ) بَعْدَ سَلَامِهَا (إلَى وَجْهِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ.

وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْأُولَى لِاشْتِغَالِ قُلُوبِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ، وَلِجَمِيعِهِمْ تَخْفِيفُ الثَّانِيَةِ الَّتِي انْفَرَدُوا بِهَا لِئَلَّا يَطُولَ الِانْتِظَارُ.

وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمْ لَوْ كَانُوا أَرْبَعَ فِرَقٍ فِيمَا انْفَرَدُوا بِهِ (وَجَاءَ الْوَاقِفُونَ) لِلْحِرَاسَةِ بَعْدَ ذَهَابِ أُولَئِكَ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ.

وَيُسَنُّ إطَالَةُ الْقِيَامِ إلَى لُحُوقِهِمْ (فَاقْتَدُوا بِهِ فَصَلَّى) بِهِمْ الرَّكْعَةَ (الثَّانِيَةَ، فَإِذَا جَلَسَ) الْإِمَامُ (لِلتَّشَهُّدِ قَامُوا) فَوْرًا (فَأَتَمُّوا ثَانِيَتَهُمْ) وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ وَهُمْ غَيْرُ مُنْفَرِدِينَ عَنْهُ بَلْ مُقْتَدُونَ بِهِ حُكْمًا (وَلَحِقُوهُ وَسَلَّمَ بِهِمْ) لِحِيَازَتِهِمْ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ التَّحَلُّلِ مَعَهُ كَمَا حَازَتْ الْأُولَى فَضِيلَةَ التَّحَرُّمِ مَعَهُ (وَهَذِهِ) (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِذَاتِ الرِّقَاعِ) وَهِيَ مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ سُمِّيَ بِهَا، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمَّا تَقَرَّحَتْ، وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ، وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ، وَقِيلَ لِتَرَقُّعِ صَلَاتِهِمْ فِيهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ (أَفْضَلُ مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ؛ وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ اقْتِدَائِهِمْ بِالْمُتَنَفِّلِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِرْقَتَيْنِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْمَحُونَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ اهـ.

لَكِنَّ قَوْلُهُ لِيُسَلِّمُوا إلَخْ مُشْكِلٌ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ لِيُسَلِّمُوا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ: أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ صُورَةِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ اهـ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يَنْحَازَ بِهِمْ) أَيْ الْأَوْلَى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَهُمْ غَيْرُ مُحَقَّقٍ سِيَّمَا وَقَدْ وَقَفَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: فَاقْتَدُوا بِهِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ لِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ بِنِيَّتِهِ الْأُولَى وَهِيَ مُنْسَحِبَةٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ قَوْمٌ فِي الْأَمْنِ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَجَاءَ مَسْبُوقُونَ وَاقْتَدَوْا بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُدْرِكُوهَا مَعَهُ لِسُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوَافِقُوهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتُوا بِالصَّلَاةِ تَامَّةً بَعْدَ سَلَامِهِ كَهُوَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ فِي التَّشَهُّدِ فَيَأْتُوا بِرَكْعَةٍ وَيُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَيَأْتُوا بِالْأُخْرَى بَعْدَ سَلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ فِي التَّشَهُّدِ أَيْضًا حَتَّى يَأْتُوا بِالرَّكْعَتَيْنِ فَيُسَلِّمُ بِهِمْ (قَوْلُهُ: قَامُوا فَوْرًا) أَيْ فَإِنْ جَلَسُوا مَعَ الْإِمَامِ عَلَى نِيَّةِ الْقِيَامِ بَعْدُ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ لِإِحْدَاثِهِمْ جُلُوسًا غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسُوا عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَقُومُوا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ لِثُبُوتِهِ فِي الصَّحِيحِ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِخَيْبَرَ مَعَ أَصْحَابِ السَّفِينَتَيْنِ، فَكَيْفَ حَضَرَ هَذِهِ الْغَزَاةَ وَهِيَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلَاثِ سِنِينَ؟ اهـ دَمِيرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>