للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا فَرْقَ فِي قَاتِلِهِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ وَفِي الْمُرْتَدِّ بَلْ هُوَ جَارٍ فِي غَيْرِهِمَا كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالصَّائِلِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمْ، وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ الْمُرْتَدَّ مَثَلًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ قَتْلَهُ فِي حُكْمِ إقَالَةِ الْحَدِّ، فَمَنْ ابْتَدَرَ قَتْلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُقِيمًا حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا يُمَثَّلُ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَقُولُ لَهُ مَوْلَاهُ اُقْتُلْهُ، فَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ، إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَكَمَا لَا يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَا يُضْمَنُ بِالتَّلَفِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ قَوْلِ مَالِكِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ اُقْتُلْهُ وَاضِحٌ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَاضِحًا فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الرِّدَّةَ إنْ طَرَأَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهُ.

(وَلَوْ) (بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِي الْمَبِيعِ أَوْ أَنْ لَا يُرَدَّ بِهَا صَحَّ الْعَقْدُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمَنَاهِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِالْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ) أَيْ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّائِلِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ غَرَضَ الْقَاتِلِ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّانِي وَتَارِكِ الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمُتَحَتِّمَ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ لَمَّا كَانَ الْمُغَلَّبُ فِي قَتْلِهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ أَشْبَهَ الْمَعْصُومَ الْمُتَعَلِّقَ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ، بِخِلَافِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمَحَّضَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَوِيَ سَبَبُ إهْدَارِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ إلَخْ) قَالَ مَرَّ: وَلَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ فِي يَدِ غَاصِبِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ يُنْظَرُ إنْ غَصَبَهُ مُرْتَدٌّ فَلَا ضَمَانَ أَوْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ ثُمَّ ارْتَدَّ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُمَثَّلُ) أَيْ يُشَبَّهُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَعَدِمَ الضَّمَانُ فِيهِ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ غَيْرِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ لَهُ قِيمَةً، وَإِنَّمَا سَقَطَ الضَّمَانُ فِيهِ لِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي إتْلَافِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ) أَيْ الْعَاقِدُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا أَوْ غَيْرَهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالشَّارِطِ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَعِيبَ وَلَا أَنْ يَشْرُطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، فَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الْبَائِعُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الثَّمَنِ وَكِلَاهُمَا يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ لِمَنْ يَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ) مَعَ قَوْلِهِ صَحَّ الْعَقْدُ مُطْلَقًا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ غَيْرَ الْحَيَوَانِ بِهَذَا الشَّرْطِ صَحَّ الْبَيْعُ دُونَ الشَّرْطِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَبِيعِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الثَّمَنِ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ مَضْبُوطٌ غَالِبًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ لَا يُرَدَّ بِهَا) مِثْلُهُ فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ بِعِنْوَانِ: لَوْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرُدَّهُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ اهـ.

وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ مُؤَكِّدًا لِلْعَقْدِ وَمُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ اكْتَفَى بِهِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةَ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أُعْلِمُك أَنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ فَهَذَا كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ مَا لَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ مِنْهَا لَا يَكْفِي ذِكْرُهُ مُجْمَلًا، وَمَا يُمْكِنُ لَا تُغْنِي تَسْمِيَتُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْعَقْدُ) جَعَلَ جَوَابَ لَوْ مَحْذُوفًا، وَقَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ جَوَابًا لِمُقَدَّرٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ) قَدْ يُقَالُ فَلِمَ صَحَّ بَيْعُهُ؟ فَإِنْ قُلْت: مَعْنَى كَوْنِهِ لَا قِيمَةَ لَهُ: أَيْ عَلَى قَاتِلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إقَامَةِ الْحَدِّ. قُلْت: يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ لَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قِيمَةٌ

[بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ]

(قَوْلُهُ: فِي الْمَبِيعِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>