للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَفِي الثَّمَنِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ، وَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ اعْتِبَارِ مَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّخْيِيرِ الَّذِي فِي ثُبُوتِهِ رَفْعُ الْعَقْدِ عَدَمُ الضَّمَانِ الَّذِي لَيْسَ فِي ثُبُوتِهِ ذَلِكَ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا هَذَا، وَالثَّانِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِيَوْمِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ قَابَلَ الْمَبِيعَ يَوْمَئِذٍ وَالثَّالِثُ بِيَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا قِيَمَ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنَ فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا وَقِيمَتَاهُ مَعِيبًا، أَوْ يَتَّحِدَا سَلِيمًا وَيَخْتَلِفَا مَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ يَتَّحِدَا مَعِيبًا لَا سَلِيمًا وَهِيَ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ يَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَهِيَ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ سَلِيمًا أَقَلُّ وَمَعِيبًا أَكْثَرُ وَبِالْعَكْسِ، فَهِيَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ أَمْثِلَتُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْمَبِيعِ اشْتَرَى قِنًّا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ فَالنَّقْصُ عَشْرٌ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَلَهُ عُشْرُ الثَّمَنِ مِائَةٌ، أَوْ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا وَقْتَ الْعَقْدِ ثَمَانُونَ وَالْقَبْضُ تِسْعُونَ وَعَكْسُهُ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَأَقَلُّ قِيمَتِهِ مَعِيبًا عِشْرُونَ وَهِيَ خُمْسُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فَلَهُ خُمْسُ الثَّمَنِ، أَوْ قِيمَتَاهُ مَعِيبًا ثَمَانُونَ وَسَلِيمًا وَقْتَ الْعَقْدِ تِسْعُونَ وَوَقْتَ الْقَبْضِ مِائَةٌ أَوْ عَكْسُهُ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا وَأَقَلُّ قِيمَتِهِ سَلِيمًا عَشَرَةٌ وَهِيَ تِسْعٌ أَقَلُّ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فَلَهُ تُسْعُ الثَّمَنِ.

لَا يُقَالُ: صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَقَلِّ فِي الْأَقْسَامِ كُلِّهَا إنَّمَا هُوَ لِإِضْرَارِ الْبَائِعِ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّا نَعْتَبِرُ مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالْمِائَةِ وَهُوَ الْخُمْسُ لِأَنَّهُ الْأَضَرُّ بِالْبَائِعِ. لَأَنْ نَقُولَ: لَيْسَ الْقِيَاسُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِسْبَةُ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا وَاَلَّذِي نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ، وَأَمَّا مَا بَيْنَ التِّسْعِينَ وَالْمِائَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَفَاوُتِ الرَّغْبَةِ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ التِّسْعِينَ إلَيْهَا وَهُوَ التُّسْعُ كَمَا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْهُ، أَوْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا ثَمَانُونَ وَوَقْتَ الْقَبْضِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ وَوَقْتَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْبَائِعِ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ) رَدٌّ لِمُنَازَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ خِيَارٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ وَأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ، لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ التَّصْدِيرُ بِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ كَأَنْ يَقُولَ وَمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْأَصَحِّ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ، ثُمَّ يَقُولَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَعِيبًا تِسْعُونَ) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ أَقَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّا نَعْتَبِرُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ قِيمَتَاهُ مَعِيبًا ثَمَانُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالْمِائَةِ) أَيْ لَا مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ، لَكِنْ قَدْ يَخْدِشُهُ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ) صُورَةُ مُنَازَعَتِهِ الَّتِي سَبَقَهُ إلَيْهَا السُّبْكِيُّ أَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُخَيَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ خِلَافًا لِمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: قَاطِعَةٌ بِالْوَجْهِ الَّذِي صَحَّحَهُ وَهَذِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ حَاكِيَةٌ لِأَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالثَّانِي: اعْتِبَارُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: اعْتِبَارُ يَوْمِ الْقَبْضِ مُطْلَقًا. نَعَمْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُؤَاخَذَةٌ أَشَارَ إلَيْهَا الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَهِيَ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي عِبَارَةِ الْجُمْهُورِ كَالْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ لَا أَقَلُّ الْقِيَمِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ) سَكَتَ عَنْ حَالِهِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَبِاعْتِبَارِهَا تَزِيدُ الصُّوَرُ عَنْ تِسْعٍ.

[تَلِفَ الثَّمَنُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا] .

<<  <  ج: ص:  >  >>