كَذَلِكَ وَلَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: لَوْ رَكِبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ حَصَلَ الضَّمَانُ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَلَا مُسَلَّمَ فِي الضَّمَانِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ فِي التَّصَرُّفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مَرْئِيًّا لِلْقَابِضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْحَاضِرِ، وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ بِالتَّخْلِيَةِ فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَأَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ نَقْلٌ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْمَاوَرْدِيِّ: وَالْقِسْمَةُ وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى تَحْوِيلِ الْمَقْسُومِ، إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ إذْنٌ فِي قَبْضِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ، فَإِنْ أَقْبَضَهُ الْبَائِعُ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَالِمًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِهِ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ فَلَا يَكُونُ قَبْضًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَحَوَّلَ لِجِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ وَاقِفًا (قَوْلُهُ: مُسَلَّمٌ فِي الضَّمَانِ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَبَضَ الْمُقَدَّرَ جُزَافًا مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ عَقْدٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِذْنِ فِي قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: مَرْئِيًّا لِلْقَابِضِ) أَيْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَيْضًا كَوَقْتِ الشِّرَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ وَكِيلٌ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ صَحَّ عَقْدُهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُوَكَّلُ مَعَ غَيْبَةِ الْمَبِيعِ اكْتَفَى بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ لَهُ وَتَمْكِينِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكَّلِ حِينَئِذٍ الْإِبْصَارُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ مَا يَقْبِضُهُ، هَذَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ التَّعْمِيمِ حَيْثُ جَعَلَهُ ظَاهِرَ النَّصِّ وَجَعَلَ الْحَمْلَ مُقَابِلَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاعْتِمَادِ الْحَمْلِ.
فَإِنْ قُلْت: الْأَعْمَى يَصِحُّ السَّلَمُ مِنْهُ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ بَيْنِ كَوْنِهِ حَاضِرًا وَقْتَ الْقَبْضِ أَوْ غَائِبًا.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَبْضُ مَعَ الْغَيْبَةِ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِيهَا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا فِي عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعِينُهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِقَبْضِهِ فَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ تَوْكِيلٌ وَمَنْ لَازَمَهُ الرُّؤْيَةُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُتَعَيِّنٌ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لَا يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِي الْغَيْبَةِ ظَاهِرٌ فِي الْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يَعْقِدُ إلَّا عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ الْبَصِيرُ مُعَيِّنًا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ اكْتَفَى فِي قَبْضِهِ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ عَدَمِ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِأَوْصَافِهِ الَّتِي رَآهُ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْعَاقِدَ أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ وَكَّلَ مَنْ اشْتَرَاهُ وَتَوَلَّى هُوَ قَبْضَهُ فَلَا بُدَّ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا مِنْ كَوْنِهِ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقِسْمَةُ) أَيْ قِسْمَةُ الْإِفْرَازِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَوْرُوثٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَهُ بَيْعُ مَقْسُومٍ قِسْمَةَ إفْرَازٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ أَوْ رَدٍّ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ) قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ مَأْخَذُهُ مَا مَرَّ أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ ضَعْفُ الْمِلْكِ لَا تَوَالِي ضَمَانَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ مُشْتَرَكٍ) أَيْ عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ سم عَنْهُ مَا يُخَالِفُهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ.
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي يَخْشَى ضَيَاعَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ إذْنٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ الْقَبْضُ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ.
[فَرْعٌ] اشْتَرَى حِصَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ عَقَارٍ شَائِعٍ بَيْنَهُمَا يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْقَبْضِ إذْنُ شَرِيكُ
[حاشية الرشيدي]
[قَبْضُ الْمَنْقُولِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ]
قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ رَفْعِ الضَّمَانِ وَصِحَّةِ التَّصَرُّفِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ حَجّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute