فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ (لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا) وَلَوْ (بِإِذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهَا (وَلَا غَيْرِهَا) وَلَوْ (بِوَكَالَةٍ) مِنْ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ إذْنِهَا لِقِنِّهَا أَوْ مَحْجُورِهَا وَذَلِكَ لِآيَةِ {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] إذْ لَوْ جَازَ لَهَا تَزْوِيجُ نَفْسِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَضْلِ تَأْثِيرٌ وَلِلْخَبَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» الْحَدِيثَ الْمَارَّ «وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَكَرَّرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَصَحَّ أَيْضًا «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ قَالَ بَعْضُهُمْ أَصْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُمْكِنُ التَّوَجُّهُ لَهُ، جَازَ لَهَا أَنْ تُفَوِّضَ مَعَ خَاطِبِهَا أَمْرَهَا إلَى مُجْتَهِدٍ عَدْلٍ فَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ وَهُوَ كَالْحَاكِمِ، وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ عَدْلًا صَحَّ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِفَقْدِ الْحَاكِمِ، بَلْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ سَفَرًا، أَوْ حَضَرًا بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ فِي جَوَازِ التَّحْكِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ تَكْفِي الْعَدَالَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي أَيْ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةً، وَأَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ الْقَاضِي وَفَقْدِهِ لَا عَلَى السَّفَرِ وَالْحَضَرِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِدَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ لَا تُحْتَمَلُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبِلَادِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ كَالتَّوَقُّفِ عَلَى الْإِذْنِ وَكَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ مِنْ نُطْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكَالَةٍ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا شَمِلَتْهُ الْغَايَةُ، بَلْ ذَلِكَ أَوْلَى لِعَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ أَذِنَ بِهِ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: لِقِنِّهَا، أَوْ مَحْجُورِهَا) أَيْ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ وَلِيَّةً عَلَى الْمَحْجُورِ إلَّا بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَنْكِحُ: أَيْ السَّفِيهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَوَلِيُّهُ فِي الْأَوَّلِ: أَيْ فِيمَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا الْأَبُ فَالْجَدُّ فَوَصِيٌّ أَذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَزِيزِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ إلَخْ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ الْعَزِيزِ فَلْيُحَرَّرْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ لِقِنِّهَا، أَوْ مَحْجُورِهَا: أَيْ مِنْ سَفِيهٍ، أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا بِوَلِيٍّ الْحَدِيثَ) أَيْ أَقَرَّا الْحَدِيثَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنٍ) أَفْهَمَ أَنَّهَا إذَا أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا صَحَّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا فَيَحْتَاجُ إلَى وَكِيلٍ، عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ بَعْدُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَوَّلُ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَكَرَّرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أَيْ كَرَّرَ قَوْلَهُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ إلَخْ نَقْلًا عَنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ) أَيْ الْخَاطِبِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدَارَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا) أَيْ لِغَيْرِهَا لَا لِنَفْسِهَا اهـ.
حَجّ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ]
فَصْلٌ) فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْجُورِهَا) أَشَارَ سم إلَى ضَعْفِهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهَا عَلَى الْمَحْجُورِ لَا تَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ، وَالْوَصِيُّ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ) أَيْ الْخَاطِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute