للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَامَحَةِ مَعَ زِيَادَةِ الْوَزْنِ، لِأَنَّ عِنْدَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ النَّجَاسَةَ فِي الْمَاءِ وَالْمَحَلِّ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَكِنْ أَسْقَطَ الشَّارِعُ اعْتِبَارَهُ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِهَا.

وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ فَالْمَاءُ قَهَرَ النَّجَاسَةَ وَأَعْدَمَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ وَلَا كَذَلِكَ مَعَ وُجُودِهَا.

وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ عَلَى مَا فِيهِ فِيمَا إذَا مَسَّتْ النَّجَاسَةُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي نَحْوِ الْجِلْدِ أَوْ الْحَوَاشِي.

(وَلَوْ نُجِّسَ مَائِعٌ) غَيْرُ الْمَاءِ وَلَوْ دُهْنًا (تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ) لِأَنَّهُ بِطَبْعِهِ يَمْنَعُ إصَابَةَ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْخَطَّابِيِّ: «فَأَرِيقُوهُ» .

فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ إرَاقَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ وُقُودٍ وَإِسْقَاءِ نَحْوِ دَابَّةٍ أَوْ عَمَلِ نَحْوِ صَابُونٍ بِهِ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْعِيدِ حُكْمُ الْإِيقَادِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَالْحِيلَةُ فِي تَطْهِيرِ الْعَسَلِ الْمُتَنَجِّسِ إسْقَاؤُهُ لِلنَّحْلِ، وَالْجَامِدُ هُوَ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا يَتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَحِلَّهَا عَنْ قُرْبٍ، وَالْمَائِعُ بِخِلَافِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَقِيلَ يَطْهُرُ الدُّهْنُ بِغَسْلِهِ) كَالثَّوْبِ النَّجِسِ بِأَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَيُكَاثِرُهُ ثُمَّ يُحَرِّكُهُ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يُظَنُّ حُصُولُهُ لِجَمِيعِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ لِيَعْلُوَ ثُمَّ يُثْقَبُ أَسْفَلُهُ، فَإِذَا خَرَجَ الْمَاءُ سُدَّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمَا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ كَالْبَوْلِ وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرُ بِلَا خِلَافٍ.

بَابُ التَّيَمُّمِ

هُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ، تَقُولُ: تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْته وَأَمَمْته: أَيْ قَصَدْته وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] وقَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦] وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لَا عَزِيمَةٌ وَصِحَّتُهُ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ لِكَوْنِهِ آلَةَ الرُّخْصَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

انْفَصَلَتْ زَائِدَةُ الْوَزْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ) هَلْ مِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ) أَيْ وَالْغَاسِلُ لَهُ الْوَلِيُّ، وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِعْلُ ذَلِكَ فِي مُصْحَفِ الْيَتِيمِ بَلْ وَفِي غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِعَدَمِ عِلْمِنَا بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنْهُ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ عَلَى مَا فِيهِ الْمُشْعِرُ بِالتَّوَقُّفِ فِي حُكْمِهِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْجِلْدِ) وَمِنْهُ مَا بَيْنَ السُّطُورِ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ وُجُوبِ. إلَخْ) يُتَأَمَّلُ التَّعْبِيرُ بِالْوُجُوبِ هُنَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَلْبٍ وَإِرَاقَةِ مَاءٍ وَلَغَ فِيهِ وَاجِبٌ إنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، غَيْرِ الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ فَيَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَحَلُّ طَلَبِ الْإِرَاقَةِ.

[بَابُ التَّيَمُّمِ]

ِ (قَوْلُهُ: عَنْ إيصَالِ التُّرَابِ) عَبَّرَ بِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَفَّتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ فَرَدَّدَهُ وَنَوَى لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بِشَرَائِطَ) هِيَ جَمْعُ شَرِيطَةٍ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الشَّرْطُ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ شُرُوطٌ وَكَذَا الشَّرِيطَةُ: أَيْ مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهَا شَرَائِطُ انْتَهَى.

وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) أَيْ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفَقْدُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، لِأَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَقِيلَ عَزِيمَةٌ، وَقِيلَ إنْ كَانَ لِلْفَقْدِ الْحِسِّيِّ فَعَزِيمَةٌ وَإِلَّا فَرُخْصَةٌ، وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْأَوْفَقُ بِمَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ تَيَمُّمِ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ قَبْلَ التَّوْبَةِ إنْ فَقَدَ الْمَاءَ حِسًّا وَبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ قَبْلَهَا إنْ فَقَدَهُ شَرْعًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ.

(قَوْلُهُ: وَصِحَّتُهُ بِالتُّرَابِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَابُ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: لَهُ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ) الْمُرَادُ بِالشَّرَائِطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ لَا عَزِيمَةٌ) قِيلَ يَرِدُ عَلَيْهِ صِحَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>