للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَيْهِ وَقَوْلِهِمْ يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ، لِجَوَازِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ (لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ) سَبْعَةٌ (أَحَدُهَا النِّيَّةُ) كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَوَقْتُهَا) هُنَا (كَغَيْرِهَا) أَيْ كَوَقْتِ نِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي وُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَتَكْفِي) فِيهَا (نِيَّةُ) مُطْلَقِ (الْفَرْضِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كِفَايَةً كَمَا تَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ فِي إحْدَى الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْعَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ نِيَّةٍ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ مَعَ رِجَالٍ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

نَعَمْ تُسَنُّ وَقِيَاسُهُ نَدْبُ قَوْلِهِ مُسْتَقْبِلًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ]

فَصْلٌ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) [تَنْبِيهٌ] هَلْ شُرِعَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِمَكَّةَ أَوْ لَمْ تُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ؟ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا، وَظَاهِرُ حَدِيثِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ لَهَا بِشَهْرٍ» كَمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَمَا فِي الْإِصَابَةِ عَنْ الْوَاقِدِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ يَوْمَ مَوْتِ خَدِيجَةَ، وَمَوْتُهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ بِمَكَّةَ بَلْ بِالْمَدِينَةِ اهـ حَجّ.

وَإِنَّمَا قَالَ: وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَّهُ إلَخْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا شُرِعَتْ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ) أَيْ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالدُّعَاءِ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ يَا بَنِي آدَمَ إلَخْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ. . إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) أَيْ الْمَفْرُوضَةِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ مُطْلَقَ الصَّلَوَاتِ يَشْمَلُ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ، وَيَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ الْقَصْدِ لِلْفِعْلِ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَنِيَّتُهَا كَغَيْرِهَا، وَأَمَّا حَيْثُ قَالَ: وَوَقْتُهَا كَوَقْتِ غَيْرِهَا اُعْتُبِرَ التَّعْمِيمُ فَإِنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، نَعَمْ قَوْلُهُ قَبْلُ كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ شَامِلٌ لِلنَّفْلِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقِ الْفَرْضِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ الْفَرَائِضُ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقُ الْفَرْضِ) يَنْبَغِي كِفَايَةُ نِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ عَرَضَ تَعْيِينُهَا لِأَنَّهُ عَارِضٌ م ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ) مَعَ رِجَالٍ أَوْ صَبِيٍّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ شَرْحُ عب لحج اهـ سم عَلَيْهِ.

وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ الشَّارِحِ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا عَدَمَ الْوُجُوبِ بِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ هُنَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ وُجُودِهِمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْفَرْضِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَجِبُ فِي الْمَكْتُوبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ مِنْهُ لَا تُسْقِطُ الْحَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا هِيَ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ فَقَوِيَتْ جِهَةُ النَّفْلِيَّةِ فِيهَا فَلَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، بِخِلَافِ صَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَمَّا أَسْقَطَتْ الْفَرْضَ عَنْ غَيْرِهِ قَوِيَتْ مُشَابَهَتُهَا لِلْفَرْضِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ فِيمَا لَوْ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ صَبِيٌّ يَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَمْرُهُ بِهَا، بَلْ وَضَرْبُهُ عَلَيْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ م ر اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى مَعَ رِجَالٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَفِي أَنَّهُ إذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ حَمْلِ الْأُوَلِ) أَيْ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ مَا ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>