للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ (وَ) يُسَنُّ (الْمَشْيُ) لِلْمُشَيِّعِ لَهَا وَيُكْرَهُ لَهُ الرُّكُوبُ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا "؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكَّابًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ، إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، فَإِنْ كَانَ بِهِ كَمَرَضٍ فَلَا، وَلَا كَرَاهَةَ فِي الرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ كَمَا سَيَأْتِي:.

وَيُسَنُّ كَوْنُهُ (أَمَامَهَا) لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ التَّقَدُّمُ، وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ رَاكِبًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ، وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ دُونَ كَمَالِهَا،

وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ يُكْرَهْ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَامَ حَتَّى تُوضَعَ الْجِنَازَةُ وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ.

(وَ) يُسَنُّ كَوْنُهُ (بِقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا فَهُوَ (أَفْضَلُ) مِنْ بُعْدِهَا فَلَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا (وَيُسْرَعُ بِهَا) اسْتِحْبَابًا بِأَنْ يَذْهَبَ بِهَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبُ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأَنِّي زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ لِخَبَرِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» هَذَا (إنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ وَإِلَّا فَيُتَأَنَّى بِهِ، وَلَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ جِنَازَةٌ اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ لَهَا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِكَرَاهَتِهِ.

وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَنْ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ فِيهَا مَنْسُوخٌ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ أَنْ يَدْعُوَا لَهَا وَيُثْنَى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَوْ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ اهـ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا رَأَى جِنَازَةً قَالَ: هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا " ثُمَّ أَسْنَدَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ رَأَى جِنَازَةً فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا، كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً»

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الثَّانِيَ مِنْ الْمُقَدَّمِ أَيْضًا مَرَّةً عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ مَرَّةً وَيُقَدِّمُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْيَمِينِ، وَإِذَا أَرَادَ حَمْلَ الثَّانِي تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا ثُمَّ أَخَذَهُ (قَوْلُهُ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ لَا يَسْتَحِي؟ فَقَالَ: إنَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ كَوْنُهُ أَمَامَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيِ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةَ وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى اهـ وَالْأَقْرَبُ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ وَإِنْ بَعُدَ.

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَتْ رَآهَا) زَادَ حَجّ رُؤْيَةً كَامِلَةً، وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا يَقْطَعُ عِرْقًا نِسْبَتُهُ إلَيْهَا اهـ (قَوْلُهُ: زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ لَهَا) أَيْ كَبِيرًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ صَغِيرًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّعْظِيمُ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هُوَ الْمُخْتَارُ، وَقَدْ صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ بِالْأَمْرِ بِالْقِيَامِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْقُعُودِ شَيْءٌ إلَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ فِيهَا مَنْسُوخٌ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ أَهْلٍ فَهَلْ يَذْكُرُهَا بِمَا هِيَ أَهْلٌ لَهُ أَوْ لَا يَذْكُرُ شَيْئًا نَظَرًا إلَى أَنَّ السَّتْرَ مَطْلُوبٌ، أَوْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ «مُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهِ شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ» وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْغَاسِلَ لَوْ رَأَى مَا يَكْرَهُ مِنْ الْمَيِّتِ يَكْتُمُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جِنَازَةَ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَوْ قِيلَ بِتَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. . .

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>