فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ دُخُولَهُ فَيَدْخُلُ أَيْضًا، فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ وَأَطْلَقَ إلَّا بِفِعْلِهِ، وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَحَلَقَ غَيْرُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ إذَا (حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارًا (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا عِنْدَ الْحَلِفِ (فَلْيَخْرُجْ) مِنْهَا حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقَامَةِ وَالسُّكْنَى فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنْ أَرَادَ عَدَمَ الْحِنْثِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ كَانَ مُتَوَطِّنًا فِيهِ قَبْلَ حَلِفِهِ، فَلَوْ دَخَلَهُ لِنَحْوِ تَفَرُّجٍ فَحَلَفَ لَا يَسْكُنُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا (فِي الْحَالِ) بِبَدَنِهِ فَقَطْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ إلَخْ) وَعِبَارَةُ حَجّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا الْأَصْلُ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ وَالتَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ انْتَهَى.
وَهِيَ تُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ اللَّفْظَ تَارَةً يُحْمَلُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، وَذَلِكَ إذَا تَعَارَفَ الْمَجَازُ وَأُرِيدَ دُخُولُهُ فِيهِ، وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَذَلِكَ إذَا قُيِّدَ أَوْ خُصِّصَ بِقَرِينَةٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِاللَّفْظِ غَيْرَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ مَجَازًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ كَتَّانًا وَأَرَادَ الْقُطْنَ مَثَلًا وَكَانَ لَفْظُ الْكَتَّانِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْقُطْنِ مَجَازًا عَدَمُ قَبُولِ إرَادَتِهِ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.
لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ حَيْثُ احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا مِمَّا مَرَّ حَنِثَ بِهِ، إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِالْقُطْنِ دُونَ الْكَتَّانِ إنْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْقُطْنِ فِي الْكَتَّانِ مَجَازًا (قَوْلُهُ مُتَعَارَفًا) أَيْ مَشْهُورًا (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَمِيرٍ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ) أَيْ وَأَطْلَقَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ وَنَوَى بِغَيْرِهِ خَاصَّةً يَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ إلَخْ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْغَيْرِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا) أَيْ وَيَخْرُجُ حَالًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي]
فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى إلَخْ
(قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا) شَمَلَ الْحَقَائِقَ الْعُرْفِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ كَاللُّغَوِيَّةِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَجَازَاتِهَا، وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَتْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ فَمِقْدَارٌ آخَرُ يَأْتِي فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَارُفِهِ لَا يَكْفِي وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تُهْجَرْ الْحَقِيقَةُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَجَازَ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَهُ، وَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الْمَجَازَ الْمَرْجُوحَ يَصِيرُ قَوِيًّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ وَحْدَهُ وَإِنْ أَرَادَهُ وَحْدَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ آخِرَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ وَأَرَادَ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: حَالًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute