اثْنَانِ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا زَكَّيَاهُ لِلْخُلْطَةِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْوَاجِدُ أَهْلًا لِوُجُوبِهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا وَجَدَهُ الْمُكَاتَبُ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَأَمَّا مَا وَجَدَهُ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِيهِ اهـ.
وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرِّكَازِ فَقَالَ (وَفِي الرِّكَازِ) أَيْ الْمَرْكُوزِ (الْخُمُسُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفَارَقَ وُجُوبَ رُبْعِ الْعُشْرِ فِي الْمَعْدِنِ بِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ أَوْ خِفَّتِهَا (يُصْرَفُ) الْخُمُسُ وَكَذَا الْمَعْدِنُ (مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ، فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قِيَاسُهُ بِالْفَيْءِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُصْرَفُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ جَاهِلِيٌّ حَصَلَ الظَّفَرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَ كَالْفَيْءِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِنِيَّةٍ
[شَرْطُ الرِّكَاز]
(وَشَرْطُهُ النِّصَابُ) وَلَوْ بِالضَّمِّ كَمَا مَرَّ (وَالنَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا (عَلَى الذَّهَبِ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعْدِنِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطَانِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (لَا الْحَوْلِ) فَلَا يُشْتَرَطُ بِلَا خِلَافٍ (وَهُوَ) أَيْ الرِّكَازُ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ (الْمَوْجُودِ الْجَاهِلِيِّ) فِي مَوَاتٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهُ الْوَاجِدُ أَمْ أَقْطَعَهُ أَمْ لَا، وَالْمُرَادُ بِجَاهِلِيِّ الدِّفْنِ مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِهِ رِكَازًا أَنْ لَا يُعْلَمَ مَالِكُهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَعَانَدَ، وَإِلَّا فَهُوَ فَيْءٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ دَفِينَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازٌ، وَخَرَجَ مَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَمَا يُوجَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا مَرَّ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الدِّفْنِ وَالضَّرْبُ دَلِيلُهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَخْذِ مُسْلِمٍ لَهُ وَدَفْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ الْأَخْذِ ثُمَّ الدَّفْنُ، وَإِلَّا فَلَوْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَنَا رِكَازٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مِنْ دِفْنِهِمْ بَلْ يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مَدْفُونًا، فَلَوْ وَجَدَهُ ظَاهِرًا.
وَعُلِمَ أَنَّ السَّيْلَ وَالسَّبُعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَظْهَرَهُ فَرِكَازٌ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا فَلُقَطَةٌ، فَإِنْ شَكَّ كَانَ كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ ضَرْبَ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ الْإِسْلَامِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ) (وُجِدَ) دَفِينٌ (إسْلَامِيٌّ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ أَوْ قُرْآنٌ (عُلِمَ مَالِكُهُ) بِعَيْنِهِ (فَلَهُ) لَا لِوَاجِدِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ إذْ مَالُ الْمُسْلِمِ لَا يُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ (فَلُقَطَةٌ) يَعْرِفُهُ وَاجِدُهُ كَمَا يَعْرِفُ اللُّقَطَةَ الْمَوْجُودَةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (وَكَذَا إنْ) (لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ الضَّرْبَيْنِ) الْجَاهِلِيِّ وَالْإِسْلَامِيِّ (هُوَ) وَلَمْ يُوجَدْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) نَدْبًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ: إنَّ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِزْعَاجِ يَمْلِكُهُ، وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ إلَخْ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْإِمَامِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ) أَيْ وَمَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِزْعَاجِ يَمْلِكُهُ كَحَطَبِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَا الْإِبَاحَةِ
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ وَاتِّحَادُ الْمَكَانِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ) الْأَوْلَى وَإِنْ كَانُوا إلَخْ لِأَنَّ مَا لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ أَوْلَى بِكَوْنِهِ رِكَازًا مِمَّا يَذُبُّونَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ أَوْ بَلَغَتْهُ وَلَمْ يُعَانِدْ (قَوْلُهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِجَاهِلِيِّ الدَّفْنِ مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ إلَخْ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الزَّكَاةُ
[الرِّكَازِ]
(قَوْلُهُ: مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) شَمِلَ مَا إذَا دَفَنَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَوْ عِيسَى مَثَلًا قَبْلَ نَسْخِ دِينِهِمْ وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَأَنَّهُ لِوَرَثَتِهِمْ: أَيْ إنْ عَلِمُوا وَإِلَّا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ