للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسَاوِيَةٌ لَهَا لَمْ تُنْقَلْ الْوَثِيقَةُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نُقِلَ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى النَّقْلِ إنْشَاءُ نَقْلٍ بِتَرَاضِيهِمَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْلِ الْوَثِيقَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ ذَاكَ مَعْنَاهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ فَسْخُ الْأَوَّلِ وَجَعْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّهْنُ جَازَ، وَهَذَا الَّذِي هُنَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَكُّ رَهْنِ الْقَتِيلِ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالنَّقْلِ لِلْقَاتِلِ أَوْ بَعْضِهِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَ الْقَتِيلِ لَا رَقَبَتِهِ لِمَا مَرَّ، فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: نَقَلْت حَقَّك إلَى عَيْنٍ أُخْرَى وَرَضِيَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَنْتَقِلْ بِلَا فَسْخٍ وَعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَوْ اخْتَلَفَ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ وَاسْتَوَيَا فِي الْمَالِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ خِلَافُهُ فَقَدْ قَالَا: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ، وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ وَضِدِّهِ كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا عِوَضَ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ أَوْ صَدَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا ضَامِنٌ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ نَقْلَ الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِالضَّامِنِ إلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا أُجِيبَ لِأَنَّهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِيعُوهُ وَضَعُوا ثَمَنَهُ مَكَانَهُ فَإِنِّي لَا آمَنُ جِنَايَتَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فِيهَا وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَنَّهُ يُجَابُ لِأَنَّهُ غَرَضٌ، وَالْأَوْجُهُ الْمَنْعُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَسَائِرِ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَوْ اقْتَصَّ السَّيِّدُ مِنْ الْقَاتِلِ فَاتَتْ الْوَثِيقَةُ.

(وَلَوْ) (تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ مَنْ لَا يَضْمَنُ كَحَرْبِيٍّ (بَطَلَ) الرَّهْنُ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ وَمَحَلُّهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا، وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى غَاصِبِهِ بِالْقِيمَةِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا، وَمَرَّ أَنَّ عَوْدَ الْخَمْرِ خَلًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَصِيرًا يَعُودُ بِهِ الرَّهْنُ وَأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي ضَرْبِ الْمَرْهُونِ فَضَرَبَهُ وَتَلِفَ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى الدَّيْنِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: بِتَرَاضِيهِمَا) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِ الرَّاهِنِ نَقَلْت الْوَثِيقَةَ مِنْ دَيْنِ كَذَا إلَى دَيْنِ كَذَا وَقَوْلُ الْمُرْتَهِنِ قَبِلْت (قَوْلُهُ: الْمُخْتَلَفِ فِيهِ) أَيْ بَلْ هُوَ نَقْلٌ آخَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا لَوْ فَسَخَ الْأَوَّلَ وَجَعَلَ الثَّانِيَ هُوَ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ) أَيْ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ فِي جَوَازِ النَّقْلِ فَلَا يُنْقَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ لِاتِّحَادِ الْقِيمَةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: أَوْ جِنْسًا وَاخْتَلَفَ قِيمَةً أَيْضًا فَكَاخْتِلَافِ الْقَدْرِ وَإِلَّا فَلَا غَرَضَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ مَا وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الدَّيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْصُلَ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا) أَيْ الدَّيْنَيْنِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مَرْهُونًا بِدَيْنِ قَرْضٍ وَبِهِ ضَامِنٌ وَالْقَتِيلُ مَرْهُونٌ بِثَمَنِ مَبِيعٍ لَا ضَامِنَ بِهِ، فَإِذَا نُقِلَ الْقَاتِلُ إلَى كَوْنِهِ رَهْنًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَدْ تَوَثَّقَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى دَيْنِ الْقَرْضِ بِالضَّامِنِ وَقَدْ تَوَثَّقَ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِالْمَرْهُونِ الَّذِي نُقِلَ إلَيْهِ فَقَدْ تَوَثَّقَ بِالضَّامِنِ وَالرَّهْنِ بِدَيْنِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) حَيْثُ قَالَ: وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ غَرَضٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) أَيْ عَدَمُ إجَابَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَصَّ) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ وَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ وَاقْتَصَّ السَّيِّدُ مِنْ الْقَاتِلِ فَاتَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا) أَيْ مَضْمُونًا بِغَيْرِ الْغَصْبِ كَكَوْنِهِ مُسْتَعَارًا أَوْ مَقْبُوضًا بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: يَعُودُ بِهِ الرَّهْنُ) أَيْ حُكْمُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَخْ) هُوَ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عَقْدٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الزِّيَادِيُّ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ جَازَ: أَيْ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي هُنَا مِثْلُهُ: أَيْ: مِثْلُ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا) أَيْ: يَصِيرُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ

[تَلِفُ الْمَرْهُونُ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>