(وَقِيلَ يَصِيرُ) نَفْسُهُ (رَهْنًا) وَلَا يُبَاعُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ بِزِيَادَةٍ فَيَتَوَثَّقُ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَبْقَى الْبَاقِي رَهْنًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ أَوْ نَقْصٌ بِهِ بِيعَ الْجَمِيعُ وَصَارَ الزَّائِدُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ، وَعَلَى الثَّانِي يُنْقَلُ مِنْ الْقَاتِلِ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ إلَى مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ طَلَبِ الرَّاهِنِ النَّقْلَ وَمُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ، وَمِنْ الْمُجَابِ فِيهِ الْوَجْهَانِ، أَمَّا لَوْ طَلَبَ الرَّاهِنُ الْبَيْعَ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ النَّقْلَ فَالْمُجَابُ الرَّاهِنُ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي عَيْنِهِ، وَلَوْ أَنْفَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنَانِ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَانَ هُوَ الْمَسْلُوكُ جَزْمًا أَوْ الرَّاهِنُ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ عَلَى نَقْلِ الْقَاتِلِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا فَلَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ الْمُنَازَعَةُ وَطَلَبُ الْبَيْعِ لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِتَوَقُّعِ رَاغِبٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ سَبَبَ عَدَمِ النَّظَرِ لِذَلِكَ التَّوَقُّعِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ حَتَّى يُرَاعَى إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مُرْتَهَنِ الْقَتِيلِ فِيمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ طَلَبَ الْوَارِثُ أَخْذَ التَّرِكَةِ بِالْقِيمَةِ وَالْغَرِيمُ بَيْعَهَا رَجَاءَ الزِّيَادَةِ.
(فَإِنْ) (كَانَا) أَيْ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ (مَرْهُونِينَ عِنْدَ شَخْصٍ) أَوْ أَكْثَرَ (بِدَيْنٍ وَاحِدٍ) (نَقَصَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (الْوَثِيقَةُ) كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (أَوْ بِدَيْنَيْنِ) عِنْدَ شَخْصٍ وَتَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ الْمَالُ (وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ) بِهِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ (غَرَضٌ) أَيْ فَائِدَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ (نُقِلَتْ) وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ أَجَلًا مِنْ الْآخَرِ فَلِلْمُرْتَهِنِ التَّوَثُّقُ بِثَمَنِ الْقَاتِلِ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا فَالْفَائِدَةُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الْقَاتِلِ فِي الْحَالِّ أَوْ مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَوَثَّقَ وَيُطَالِبُ بِالْحَالِ، وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ قَدْرًا وَحُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) الْأَنْسَبُ وَبِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ) عَلَى قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُجَابِ) الْمُجَابُ عَلَى هَذَا مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ) أَيْ الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِهِ فَيُبَاعُ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ وَقِيلَ: يَصِيرُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: كَانَ هُوَ الْمَسْلُوكُ) أَيْ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ لَا تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْقَتِيلِ بِيعَ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَتْ دُونَهَا بِيعَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الزَّائِدُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ) أَيْ الزِّيَادَةُ وَقَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ طَلَبَ الْوَارِثُ) أَيْ فَإِنَّهُ الْمُجَابُ دُونَ الْغَرِيمِ.
(قَوْلُهُ: وَحُلُولًا وَتَأْجِيلًا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمَا غَيْرُ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: بَقِيَ مَا لَوْ اتَّفَقَا حُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَاخْتَلَفَا قَدْرًا فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ بِالْكَثِيرِ قَدْ رَهَنَ نُقِلَ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا لَكِنَّهُ فِيمَا دُونَهَا لَا يُنْقَلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقَتِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا بِالْقَلِيلِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا فَلَا نَقْلَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْقَتِيلِ لِيَصِيرَ رَهْنًا مَكَانَ الْقَتِيلِ وَيَسْتَمِرُّ الْبَاقِي بِدَيْنِ الْقَاتِلِ قَالَ: وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَقَلَّ وَهُوَ مَرْهُونٌ بِأَقَلِّ الدَّيْنَيْنِ لَا يُنْقَلُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مُتَعَقِّبٌ اهـ أَقُولُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ النَّقْلِ لَوْ فُرِضَ فِيهَا أَنَّ قِيمَةَ الْقَاتِلِ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ عَلَيْهِ بِأَضْعَافٍ فَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ قَرْضًا مُجَوِّزًا لِنَقْلِ الزَّائِدِ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَمَا وَجْه ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَزِيدُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ: مَعَ الْتِزَامِ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِيَّتِهِ بِدَلِيلِ الرَّدِّ الْآتِي وَإِلَّا يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ مُصَادَرَةً فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا) أَيْ: فَمَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَالْمُجَابُ الرَّاهِنُ) أَيْ: جَزْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute