صَفْقَةً وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لَهُ كَانَ مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ وَرَثَةٍ فَأَدَّى أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَنْفَكَّ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَدَى نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ إمَّا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ أَوْ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فَأَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فَيَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ عَنْهُ.
فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إذَا (اخْتَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (فِي) أَصْلِ (الرَّهْنِ) كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ) فِي (قَدْرِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْأَرْضَ بِأَشْجَارِهَا فَقَالَ: بَلْ الْأَرْضَ فَقَطْ، أَوْ فِي عَيْنِهِ كَهَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: بَلْ الْجَارِيَةَ، أَوْ قَدْرَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَمِائَتَيْنِ فَقَالَ: بَلْ مِائَةً، أَوْ صِفَةَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَرَهَنْتَنِي بِالْأَلْفِ الْحَالِّ فَقَالَ الرَّاهِنُ: بِالْمُؤَجَّلِ، أَوْ فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُهُ بِالدَّنَانِيرِ فَقَالَ: بَلْ بِالدَّرَاهِمِ (صُدِّقَ الرَّاهِنُ) أَيْ الْمَالِكُ (بِيَمِينِهِ) وَلَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنِ وَإِطْلَاقُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَإِلَّا فَمُنْكِرُ الرَّهْنِ لَيْسَ بِرَاهِنٍ وَقَوْلُهُ (إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ) أَيْ غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي بَيْعِ قَيْدٍ فِي التَّصْدِيقِ وَدَخَلَ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْعَبْدَ عَلَى مِائَةٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُك نِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَنِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَأَحْضَرَ لَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ اثْنَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا) أَيْ فَيَكُونُ الْبَاقِي مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّرِكَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُرْسَلٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ بِهِ رَهْنٌ فَتَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ. .
(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ مَا يُنَاسِبُهُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِ مَرْهُونٍ فَبِيعَ إلَخْ، وَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفَانِ أَحَدُهُمَا رَهْنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْجَارِيَةِ) حَيْثُ صَدَقَهَا الرَّاهِنُ فِي هَذِهِ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْمُرْتَهِنِ بِهَا لِإِنْكَارِهِ وَلَا بِالْعَبْدِ لِإِنْكَارِ الْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْجَارِيَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِزَعْمِ الْمَالِكِ أَوَّلًا لِأَنَّ إنْكَارَ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يُبْقِ لَهُ حَقًّا وَقِيَاسُ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ سم اعْتِبَارُ إذْنِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي إذَا انْقَطَعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِإِبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا قَالَهُ سم فِيمَا يَأْتِي، وَمَا هُنَا إنْكَارُ الْمُرْتَهِنِ أَسْقَطَ اعْتِبَارَ قَوْلِ الرَّاهِنِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ حَيْثُ قِيلَ: يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ وَيَتَصَرَّفُ الْمُقِرُّ بِمَا شَاءَ وَلَا يَعُودُ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَيَأْتِي مِثْلُ مَا ذَكَرَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُهُ بِالدَّنَانِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالِكِ) حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْحَلِفِ كَصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ رَهَنَ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ الَّذِي يَحْلِفُ دُونَهُمْ لِعَدَمِ زَوَالِ الْحَجْرِ عَنْهُمْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ مَالِكُ الْعَارِيَّةِ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُصَدَّقُ إذَا ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ وَلَيْسَ مُرَادًا، ثُمَّ قَضِيَّةُ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَهُ مَالِكُ الْعَارِيَّةِ أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُوَ الْمُعَيَّرُ فَيَحْلِفُ وَيَسْقُطُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ.
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute