للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحُ اللَّفْظِ لَمَا أَخْرَجَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ الصَّرِيحِ إلَى غَيْرِهِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ الْعَشَرَةَ مُبْهَمَةٌ كَالْأَلْفِ فِي أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ بِالْأُولَى.

أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي هَذِهِ يَقْتَضِي مُغَايَرَةَ الْأَلْفِ لِلدَّرَاهِمِ فَبَقِيَتْ عَلَى إبْهَامِهَا بِخِلَافِهِ فِي دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ. وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْعَشَرَةَ هُنَا عُطِفَتْ تَقْدِيرًا عَلَى مُبَيَّنٍ فَتَخَصَّصَتْ بِهِ إذْ الْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْمَعْطُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَثُمَّ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْأَلْفِ فَلَمْ يُخَصِّصْهَا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ قَضِيَّةَ أَلْفٍ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ تَكُونُ الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي الظَّرْفِيَّةَ الْمُقْتَرِنَةَ بِنِيَّةِ الْمَعِيَّةِ إشْعَارًا بِالتَّجَانُسِ وَالِاتِّحَادِ لِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَرِّبٌ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّ فِيهِ مُجَرَّدَ الْعَطْفِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي بِمُفْرَدِهِ صَرْفَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَنْ إبْهَامِهِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ لَفْظِهِ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّتِهِ بِذَلِكَ إرَادَةُ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ الْإِشْكَالَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الْأَجْوِبَةِ لَوْلَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا مُجَرَّدَ مَعْنَى مَعَ عَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ يُرَدُّ الْإِشْكَالَانِ وَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ (أَوْ) أَرَادَ (الْحِسَابَ) وَعَرَّفَهُ (فَعَشَرَةٌ) لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ فَدِرْهَمٌ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ وَلَا الْحِسَابَ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ الظَّرْفَ (فَدِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَفِي بَيَانِ الِاسْتِثْنَاءِ

(قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ غِلَافُهُ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرَةٍ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) لِمُغَايَرَتِهِ لِلْمَظْرُوفِ وَمُعْتَمَدُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْيَقِينِ، وَهَكَذَا كُلُّ ظَرْفٍ وَمَظْرُوفٍ لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِأَحَدِهِمَا إقْرَارًا بِالْآخَرِ (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) دُونَ الْمَظْرُوفِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بَلْ أَرَادَ ضَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَجَابَ عَنْهُ) أَيْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِنَوْعَيْهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَاَلَّذِي يُفْعَلُ بِالْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا كُلُّ ظَرْفٍ وَمَظْرُوفٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الظَّرْفُ خُلُقِيًّا لِلْمَظْرُوفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ جَارِيَةٍ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ إلَخْ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَوًى فِي تَمْرٍ أَوْ طَلْعٍ فِي كُوزٍ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الظَّرْفُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ بِغِمْدِهِ أَوْ ثَوْبٌ بِصُنْدُوقٍ هَلْ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ كَمَا لَوْ قَالَ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ لَا؟

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا يَرُدُّ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ ثَالِثٌ لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ صَدْرُهُ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ عَقِبَ الْجَوَابِ الثَّانِي نَصُّهَا: وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَكَلُّفٌ، وَلَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ بَلْ تَحْتَمِلُهَا وَغَيْرَهَا.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعَ دِرْهَمٍ صَرِيحٌ فِي الْمُصَاحَبَةِ الصَّادِقَةِ بِدِرْهَمٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ الثَّانِي بَلْ وَلَا إشَارَةَ إلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْوَجْهُ التَّعْوِيلُ عَلَى جَوَابِ السُّبْكِيّ لِظُهُورِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَكَلَامُهُمْ لَا يُنَافِيهِ بَلْ قَوَاعِدُهُمْ تَقْتَضِيهِ قَطْعًا وَدَعْوَى أَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَطْعًا أَوْ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ لَا أَثَرَ لَهُ، بَلْ كَلَامُهُمْ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى وَقَوَاعِدُهُمْ لَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي خِلَافِهِ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا ظَاهِرًا فِيهِ فَأَحْسِنْ التَّأَمُّلَ اهـ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>