[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ]
(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا. لَوْ (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ صَادِقًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَأَدَّى إلَى تَخْلِيدِ حَبْسِهِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا، فَإِنْ ذَكَرَهُ وَكَانَ ظَاهِرًا حُبِسَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ كَالْمُودِعِ (فَإِذَا حَلَفَ) الْغَاصِبُ (غَرَّمَهُ الْمَالِكُ) بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْوُصُولِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ بِيَمِينِ الْغَاصِبِ. وَالثَّانِي لَا، لِبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي زَعْمِهِ.
(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَنْ الْهَلَاكِ أَوْ حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ.
(أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي عَيْبٍ خِلْقِيٍّ) كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ وَلَدٌ فَاقِدُ الرِّجْلِ أَوْ أَعْمَى وَقَالَ الْمَالِكُ كَانَ سَلِيمًا وَإِنَّمَا حَدَثَ عِنْدَك (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَحْصُلْ بِهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِإِبَاحَةِ وَضْعِهِ لَهُ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ لِمَا لَمْ يَبُحْ وَضْعُهُ إلَخْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُهُ فِيهِ، فَإِنْ وَضَعَهُ مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا.
[فَائِدَةٌ] ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِ قَزْوِينَ مَا هُوَ صَرِيحٌ كَمَا بَيَّنْته ثُمَّ أَيْضًا فِي جَوَازِ وَضْعِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ خَزَائِنَهُمْ لِوَضْعِهِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْإِقَامَةُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ دُونَ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا لِأَمْتِعَتِهِمْ الَّتِي يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا، وَإِطْلَاقُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازَ رَدَدْته عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَيْضًا اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَلَمَا يَضْطَرُّونَ إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُهَا لِإِجَارَتِهَا وَلَوْ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى السَّاكِنِ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ.
(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: وَضَمَانُ الْمَغْصُوبِ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَقَوِّمَ بِأَقْصَى قِيمَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى قَبُولِ الْبَدَلِ مِنْهُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ اهـ حَجّ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ الْإِبْرَاءِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْهَلَاكِ) قَالَ فِي التَّجْرِيدِ مَا نَصُّهُ: إذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ اعْتِمَادُ الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ، وَيَكْفِي عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِيهِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: هَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ مِنْ أَنَّ الْمَالَ يَكْفِي فِيهِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ، فَانْظُرْ مَا وَجْهُ خُرُوجِ هَذَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ شَهَادَةً عَلَى نَفْسِ الْمَالِ بَلْ عَلَى قِيمَتِهِ وَهِيَ تُطْلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالَ غَالِبًا، وَالتَّقْوِيمُ لَيْسَ مِنْ الْمَالِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي حَلِفِهِ مِنْ التَّلَفِ فَهَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِجَمِيعِ الزَّمَنِ السَّابِقِ عَلَى الْحَلِفِ دُونَ مَا بَعْدَهُ أَمْ كَيْفَ الْحُكْمُ اهـ؟ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْهَلَاكِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ