للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فِي الْأَوْلَى مِنْ الزِّيَادَةِ وَعَلَى الْمَالِكِ الْبَيِّنَةُ. فَإِنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَهُ الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ سُمِعَتْ وَكُلِّفَ الْغَاصِبُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا قَالَهُ إلَى حَدٍّ لَا تَقْطَعُ الْبَيِّنَةُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَهَا عَلَى الصِّفَاتِ لِيُقَوِّمَهُ الْمُقَوِّمُونَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ. نَعَمْ يَسْتَفِيدُ الْمَالِكُ بِإِقَامَتِهَا إبْطَالَ دَعْوَى الْغَاصِبِ مِقْدَارًا حَقِيرًا لَا يَلِيقُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ وَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِالصِّفَاتِ وَذَكَرَ قِيمَةً حَقِيرَةً فَيُؤْمَرُ بِالزِّيَادَةِ إلَى حَدِّ اللَّائِقِ، وَإِنْ أَقَامَهَا بِقِيمَتِهِ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلِأَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ. أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يَثْبُتُ عَلَى نَحْوِ غَاصِبِهِ يَدٌ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّالِثَةِ الْعَدَمُ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مُمْكِنَةٌ (وَفِي عَيْبٍ حَادِثٍ) بَعْدَ تَلَفِهِ كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ كَانَ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا (يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ. فَإِنْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ مَعِيبًا وَقَالَ غَصَبْته هَكَذَا وَادَّعَى الْمَالِكُ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ صُدِّقَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: سَمِعْت) أَيْ بِخِلَافِ الدَّعْوَى فِي هَذَا وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَاصِبُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ قِيمَتَهُ تَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: لَا تَقْطَعُ الْبَيِّنَةُ) أَيْ بِأَنْ تَجُوزَ الزِّيَادَةُ وَعَدَمُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهَا) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ بِإِقَامَتِهَا) أَيْ عَلَى الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ: وَصَارَ) أَيْ الْحَالُ بَعْدَ إقَامَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى الْحَدِّ اللَّائِقِ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حُبِسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهَا هُوَ) وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَإِنْ أَقَامَهَا عَلَى الصِّفَاتِ مُقَابِلَانِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا: فَإِنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَهُ الْغَاصِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تُسْمَعْ) أَفْهَمَ عَلَى أَنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ بَعْدَ الْغَصْبِ كَذَا قُبِلَتْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ التَّجْرِيدِ السَّابِقُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَصَبَ حُرًّا أَوْ سَرَقَهُ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى ثِيَابِهِ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ أَنَّهَا لِمُوَلِّيهِ حَجّ: أَيْ بِلَا يَمِينٍ فَتَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ لَهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّبِيِّ لِيَحْلِفَ اهـ وَمِثْلُهُ إفَاقَةُ الْمَجْنُونِ فَيُنْتَظَرُ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ مِنْ الْحَلِفِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْغَاصِبِ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ فَهَلْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْغَاصِبِ فَيُقْضَى لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ لَا وَيُوقَفُ الْأَمْرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحُرُّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ الْبَالِغُ لَوْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْغَاصِبُ فِي الثِّيَابِ الَّتِي عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُبَعَّضِ فِيمَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ وَتَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِيمَا يُقَابِلُ الرِّقَّ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُوقَفَ الْأَمْرُ فِيمَا يَخُصُّ الْحُرِّيَّةَ إلَى الْبُلُوغِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ تَخْصِيصُ مَا ذَكَرَ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُبَعَّضِ عَلَى ثِيَابِهِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَنَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَثْبُتُ عَلَى نَحْوِ غَاصِبِهِ يَدٌ) الْأَوْلَى فَلَا يَثْبُتُ لِنَحْوِ غَاصِبِهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ يَدٌ، وَلَعَلَّ الْأَصْلَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ لِنَحْوِ إلَخْ، وَيُمْكِنُ بَقَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَتَصَوُّرُهُ بِمَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ وَبَلِيَتْ تَحْتَ يَدِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يُطَالَبُ الْغَاصِبُ بِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ (قَوْلُهُ: مَعِيبًا) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهَا عَلَى الصِّفَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا تُسْمَعُ: أَيْ: لَا تُقْبَلُ لِإِفَادَةِ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُصْغِي إلَيْهَا بِالصِّفَاتِ؛ لِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ مَعَ اسْتِوَائِهَا، لَكِنْ يَسْتَفِيدُ بِإِقَامَتِهَا إبْطَالَ دَعْوَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةٍ حَقِيرَةٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: بِالصِّفَاتِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا تُسْمَعُ، وَقَوْلُهُ: لِإِفَادَةِ عِلَّةٍ لِتَفْسِيرِ نَفْيِ السَّمَاعِ بِنَفْيِ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحُرُّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَصَبَ حُرًّا أَوْ سَرَقَهُ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى ثِيَابِهِ فَيَصْدُقُ الْوَلِيُّ أَنَّهَا لِمُوَلِّيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>