بِغَيْرِ إذْنٍ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اشْتِرَاطُ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِسَبَبِ رِقِّهِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْحُرِّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ أَجِدْهُ فِي الْحَاوِي فِي مَظَانِّهِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَقْلَ يُبْعِدُ عَدَمَ صِحَّةِ إذْنٍ لِعَبْدِهِ الْفَاسِقِ وَالْمُبَذِّرِ مَمْنُوعَةً.
نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَةٌ مِمَّا مَرَّ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ لِجَوَازِهِ لِلسَّفِيهِ.
لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ اسْتِخْدَامًا عَدَمُ اشْتِرَاطِ رُشْدِهِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ اسْتِخْدَامًا مُقْتَصِرًا أَثَرُهُ عَلَى السَّيِّدِ بَلْ مُتَعَدِّيًا لِغَيْرِهِ فَشَرَطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ الرُّشْدَ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ مُعَامِلِهِ (وَيَسْتَرِدُّهُ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (الْبَائِعُ) أَيْ لَهُ طَلَبُ رَدِّهِ (سَوَاءٌ كَانَ) فِيهِ حَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ وَهُوَ جَائِزٌ، وَقَدْ قُرِئَ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: ٦] بِحَذْفِهَا (فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ) وَضْعِهَا مَوْضِعَ أَمْ فِي نَحْوِ هَذَا جَائِزٌ، كَمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَدُ (سَيِّدِهِ) أَوْ غَيْرِهِمَا لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ اسْتَرَدَّ أَيْضًا (فَإِنْ) (تَلِفَ) أَيْ الْمَبِيعُ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْعَبْدُ وَبَائِعِهِ رَشِيدٌ (تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالرَّقِيقِ لِأَهْلِيَّتِهِ لِلْمِلْكِ حَالَ الْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ صَحِيحٌ، وَكَذَا فِي غَيْرِهَا إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِهِ لِلسَّفِيهِ) هَلْ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السَّفِيهَ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ قَبُولُهُ لِلنِّكَاحِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ مُعَامِلِهِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُشْدُهُ فِي شِرَائِهِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُهُ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ عَتَاقَةٍ لِأَنَّهُ يُعْطَى حُكْمُ الْبَيْعِ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطَ الْأَهْلِيَّةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ الْحَاوِي أَوْ ذَكَرَهُ فِيهِ فِي غَيْرِ مَظَانِّهِ لِمُنَاسَبَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ لَهُ طَلَبُ رَدِّهِ) أَيْ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ) وَلَا يَقْدَحُ فِي الْجَوَازِ الْحُكْمُ بِسَهْوِ الْجَوْهَرِيِّ فِي هَذَا الَّذِي حَكَاهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الشَّرِيفِ الصَّفَوِيِّ لَا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ بِالسَّهْوِ، إذْ غَايَةُ مَا وَقَعَ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ أَوْ غَيْرِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بَعْدَ بَحْثِهِ طَاقَتَهُ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُودَ وَاحْتِمَالُ اطِّلَاعِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَيْهِ، وَلِذَا اسْتَنَدَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ إلَى كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ هَذَا فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِلْحُكْمِ بِسَهْوِهِ فِيهِ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ، بَلْ لَوْ فُرِضَ مُشَافَهَةُ الْعَرَبِ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ أَوْ غَيْرِهِ بِامْتِنَاعِ مَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ لَمْ يَلْزَمْهُ سَهْوُهُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ لُغَةِ غَيْرِ الْمُشَافَهِينَ فَتَدَبَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: اُسْتُرِدَّ أَيْضًا) لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ فَهَلْ يَبْرَأُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّهِ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بَرِئَ بِرَدِّهِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَبَائِعُهُ رَشِيدٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا: أَيْ مَثَلًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ رَشِيدٌ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ فَرَّطَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا حَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَهُ هُنَا بِعَقْدٍ مُضَمَّنٍ فَتَعَلَّقَ بِهِ، بِخِلَافِهِ ثَمَّ إذْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) يَعْنِي نِسْبَةَ هَذَا الشَّرْطِ لِلْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا مَرَّ: أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَقْلَ يُبْعِدُ عَدَمَ صِحَّةِ إذْنِهِ لِعَبْدِهِ الْفَاسِقِ وَالْمُبَذِّرِ) أَيْ حَيْثُ بَلَغَا كَذَلِكَ، وَغَرَضُ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ هَذَا تَعَقُّبُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الشُّمُولِ لِهَذَيْنِ.
فَحَاصِلُ بَحْثِهِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عُمُومَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي نَحْوِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَيَمْنَعُهُ فِيمَنْ بَلَغَ فَاسِقًا أَوْ مُبَذِّرًا.
[اقْتِرَاضُ الرَّقِيق وَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute