للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَثْنَى الْإِسْنَوِيُّ نَحْوَ مَكَّةَ مِمَّا يَفْحُشُ فِيهِ التَّأْخِيرُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا حُرِّمَ ذَلِكَ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ السَّعْيِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَقَدْ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ وَجَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ وَمَا يَجُوزُ لِلْمَزْحُومِ وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَبَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (مَنْ) (أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ الَّذِي يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ الرُّكُوعُ لَا كَالْمُحْدِثِ كَمَا مَرَّ وَأَتَمَّ مَعَهُ الرَّكْعَةَ (أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ) حُكْمًا لَا ثَوَابًا كَامِلًا فَلَا تُدْرَكُ بِمَا دُونَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ إدْرَاكَهَا يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ رَكْعَتَيْنِ، سَوَاءٌ قُلْنَا الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ أَمْ صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا، وَالْإِدْرَاكُ لَا يُفِيدُ إلَّا بِشَرْطِ كَمَالِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ سَاجِدًا لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ إدْرَاكٌ نَاقِصٌ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَخَبَرُ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» وَيُصَلِّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ بِأَنْ يُدْرِكَ مَعَ الْإِمَامِ رُكُوعَهَا وَسَجْدَتَيْهَا، لَا يُقَالُ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ إنَّمَا تُدْرَكُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُهُ، فَقَدْ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بَنَى عَلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعَ مَعَهُ وَيَسْجُدَ انْتَهَى.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ، وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ (فَيُصَلِّي بَعْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا كَالْمُحْدِثِ) أَيْ لِعَدَمِ تَحَمُّلِهِ الْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَأْمُومِ، وَكَالْمُحْدِثِ مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ خَفِيَّةٌ (قَوْلُهُ: إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ) أَيْ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَدَدِ إلَى تَمَامِ الرَّكْعَةِ فَلَوْ فَارَقَهُ الْقَوْمُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ وَصَلَّى مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْجُمُعَةُ لِفَقْدِ شَرْطِ وُجُودِ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الشُّرُوطِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ إدْرَاكَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: أَمْ صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِسْقَاطِ عَلَى هَذَا أَنَّ الظُّهْرَ هُوَ الْأَصْلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَجِبْ الظُّهْرُ بِشَرْطِ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ فَحَيْثُ لَمْ يُدْرِكْهَا فَكَانَ الْأَصْلُ بَاقٍ، وَقَوْلُهُ: بِحِيَالِهَا بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ انْفِرَادِهَا.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَالَ حِيلَةً بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ قُبَالَتَهُ، وَفَعَلْت كُلَّ شَيْءٍ عَلَى حِيلَةٍ: أَيْ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ كَمَالِهِ) أَيْ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْكَمَالُ رَكْعَةٌ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً إلَخْ) دَفَعَ مَا قَدْ يُوهِمُهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَةِ كَافٍ.

(قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الرِّوَايَةَ وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الصَّادِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ التَّعْدِيَةِ بِحَرْفِ الْجَرِّ، فَإِنْ صَلَّى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى يَضُمُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُهُ) خِلَافًا لِحَجٍّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ) أَيْ الرَّجُلُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنَّ ذَاكَ لَمْ يَذْكُرْ لِلْقِسْمَيْنِ قَبْلَ هَذَا مُقَابِلًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مُقَابِلِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَعِبَارَتُهُ فَمَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ وَمَا يَجُوزُ لِلْمَزْحُومِ وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَالشَّارِحُ لَمَّا ذَكَرَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُقَابِلًا صَارَ قَوْلُهُ: وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ قَاصِرًا عَلَى الْقِسْمِ الْأَخِيرِ مَعَ تَسَامُحٍ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إدْرَاكَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطٍ كَمَا لَهُ) وَهُوَ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُدْرَكُ بِالسَّلَامِ) يَعْنِي بِالِاسْتِمْرَارِ مَعَ الْإِمَامِ إلَى سَلَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>