تَرْكِ سَقْيٍ وَاجِبٍ (كَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا كَمَا بِخَطِّهِ (فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ فِي ثَمَرٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَسْقُطْ مَا لَحِقَهُ مِنْ ثَمَنِهَا» ، فَخَبَرُهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، أَمَّا لَوْ عُرِضَ الْمُهْلِكُ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ السَّقْيِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ مَالِكُ الشَّجَرِ ضَمِنَهُ جَزْمًا كَمَا لَوْ كَانَ الْمُهْلِكُ نَحْوَ سَرِقَةٍ أَوْ بَعُدَ أَوَانَ الْجِذَاذِ بِزَمَنٍ يُعَدُّ التَّأْخِيرُ فِيهِ تَضْيِيعًا أَمَّا مَا قَبْلَهَا فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ انْفَسَخَ فِيهِ فَقَطْ (فَلَوْ) (تَعَيَّبَ) الثَّمَرُ الْمَبِيعُ مُنْفَرِدًا مِنْ غَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرِ (بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ) الْوَاجِبَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَ الْبَائِعَ التَّنْمِيَةَ بِالسَّقْيِ فَالتَّعْيِيبُ بِتَرْكِهِ كَالتَّعْيِيبِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِذَلِكَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَيْضًا، هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ السَّقْيُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَنْ غَارَتْ الْعَيْنُ أَوْ انْقَطَعَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عُرِضَ الْمُهْلِكُ) أَيْ أَوْ التَّعَيُّبُ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ) أَيْ بِأَنْ بِيعَ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِهِ وَلَمْ يَتَأَتَّ قَطْعُهُ إلَّا فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ جَزْمًا) وَهُوَ وَاضِحٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ السَّقْيِ عَلَى الْبَائِعِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ السَّقْيِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ تَلِفَ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَا خِلَافَ فِيهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ بِزَمَنٍ) هَذَا الْقَيْدُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا نَشَأَ الْمُهْلَكُ مِنْ تَرْكِ السَّقْيِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِ السَّقْيِ لَمَّا شَرَطَ قَطْعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ انْفَسَخَ فِيهِ) أَيْ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي إنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَيَّبَ الثَّمَرُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّعَيُّبِ هُنَا عُرُوضُ مَا يُنْقِصُهُ عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ عَدَمُ نُمُوِّهِ نُمُوُّ نَوْعِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّقْيُ قَدْرَ مَا يُنَمِّيهِ وَيَقِيه مِنْ التَّلَفِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَلِفَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِأَنَّ التَّعَيُّبَ يُفْضِي إلَى التَّلَفِ
[حاشية الرشيدي]
[بَيْع ثَمَر بُسْتَانٍ أَوْ بُسْتَانَيْنِ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ]
قَوْلُهُ: أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا أُصِيبَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَفَعَلُوا، وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» اهـ. فَالضَّمِيرُ فِي تَصَدَّقُوا لِلصَّحَابَةِ غَيْرِ الْبَائِعِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِيَتِمَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِلْجَدِيدِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَرْجِيعِهِ لِلْبَائِعَيْنِ فَلَا يَتَأَتَّى عَلَى الْجَدِيدِ بَلْ هُوَ تَأْوِيلٌ لِلْحَدِيثِ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْقَدِيمِ لِيُوَافِقَ حَدِيثَ وَضْعِ الْجَوَائِحِ الَّذِي أَخَذُوا بِهِ عَكْسَ مَا صَنَعَ الْقَائِلُونَ بِالْجَدِيدِ، وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ «وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ الْآنَ لِعَدَمِ يَسَارِ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِبَاقِي الثَّمَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِيَتِمَّ الِاسْتِدْلَال فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عَرَضَ الْمُهْلِكُ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ التَّعَيُّبُ مِنْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِذَلِكَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ عَقِبَ الْمَتْنِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَهَا فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذِكْرُهُ لِيَظْهَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَقِبَهُ فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ إلَخْ.
وَلَعَلَّهُ مِنْ النُّسَّاخِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَيْضًا) لَا مَوْقِعَ لِذِكْرِ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute