للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ عَنْهُ، وَفِي الصَّوْمِ لِأَنَّ مَاهِيَّتَهُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ وَإِنَّمَا تَتَعَقَّلُ بِتَعَقُّلِ الْفَاعِلِ، فَجُعِلَ رُكْنًا لِتَكُونَ تَابِعَةً لَهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ تُوجَدُ خَارِجًا فَلَمْ يَحْتَجْ لِلنَّظَرِ لِفَاعِلِهَا، ثُمَّ الرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَيُفَارِقُهُ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ، وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَرِدُ الِاسْتِقْبَالُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَاصِلًا فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ حَقِيقَةً هُوَ حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا عُرْفًا مَعَ أَنَّهُ بِبَعْضِ مُقَدَّمِ الْبَدَنِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا، وَشَمِلَ هَذَا التَّعْرِيفُ التَّوَرُّكَ كَتَرْكِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، لَكِنْ صَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا مُبْطِلَاتٌ:

الْأَوَّلُ (النِّيَّةُ) لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَهِيَ فِعْلٌ قَلْبِيٌّ إذْ حَقِيقَتُهَا الْقَصْدُ بِالْقَلْبِ، فَالْقَلْبُ مَحَلُّهَا فَلَا يَجِبُ النُّطْقُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا، فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ هِيَ شَرْطٌ إذْ الرُّكْنُ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَةِ وَبِفَرَاغِ النِّيَّةِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِفَرَاغِهَا دُخُولَهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ افْتَتَحَ النِّيَّةَ مَعَ مُقَارَنَةِ مَانِعٍ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ اسْتِدْبَارٍ مَثَلًا وَتَمَّتْ وَلَا مَانِعَ. فَإِنْ قِيلَ: هِيَ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ رُكْنٌ فَلَا كَذَا، قِيلَ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا مُطْلَقًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى، قَالَ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ رُكْنِيَّتُهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَتَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ: أَيْ لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ. وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَتُحَصِّلُ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ إنَّمَا عُدَّ رُكْنًا فِي الْبَيْعِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ، لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ تَرَتُّبَ الْعَقْدِ عَلَى وُجُودِهِ كَانَ خَارِجًا عَنْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا شَرْطَانِ) أَيْ الْعَاقِدَ وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الصَّوْمِ) أَيْ وَإِنَّمَا عُدَّ الصَّائِمُ رُكْنًا فِي الصَّوْمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُوجَدُ خَارِجًا) أَيْ عَنْ الْقُوَى: أَيْ الْمَذْكُورَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِيهَا مَسْمُوعَةً وَالْأَفْعَالُ مُشَاهَدَةً (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الرُّكْنَ دَاخِلٌ فِيهَا وَالشَّرْطَ خَارِجٌ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ كَالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ هَذَا التَّعْرِيفُ) أَيْ قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مُبْطِلَاتٌ) أَيْ فَهِيَ مَوَانِعُ لَا شُرُوطٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ النُّطْقُ بِهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَالْأَوْجَهُ) هُوَ ظَاهِرٌ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهَا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ لَوْ كَانَ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ تَرَتُّبٌ خَارِجِيٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا مُتَقَارِنَانِ، فَمُقَارَنَةُ الْمُفْسِدِ لَهَا يَلْزَمُهُ مُقَارَنَةُ الْمُفْسِدِ بِالتَّكْبِيرِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ فَائِدَةَ الْخِلَافِ كَالشَّارِحِ نَصُّهَا: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِافْتِتَاحِهَا مَا سَبَقَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَهُوَ غَيْرُ رُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ أَوْ مَا يُقَارِنُهَا ضَرَّ عَلَيْهِمَا لِمُقَارَنَتِهِ لِبَعْضِ التَّكْبِيرَةِ اهـ. وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قِيلَ هِيَ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذْ الشَّرْطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) أَيْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى التَّسَلْسُلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ) أَيْ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا) أَيْ تُطَهِّرُ نَفْسَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَعْدَهُ أَنَّهُ مُخْتَارُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ) رَدَّهُ الشِّهَابُ سم بِأَنَّ مَاهِيَّةَ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ الْمَخْصُوصُ بِمَعْنَى كَفِّ النَّفْسِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ، وَهُوَ فِعْلٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُصُولِ انْتَهَى. وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ صُورَةَ الصَّلَاةِ تُشَاهَدُ بِخِلَافِ صُورَةِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا) يَعْنِي الْإِخْلَالَ بِهَا

[الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ النِّيَّةُ]

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا مُطْلَقًا) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مُقَارِنَةً لِلتَّكْبِيرِ، وَهِيَ رُكْنٌ بِالِاتِّفَاقِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ تَوَفُّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>