عَلَى الْأَوْجُهِ، وَلَهُ رَعْيُ الْمَاشِيَةِ نَهَارًا فِي الْأَمْنِ وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى عَدْلٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ، وَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا لِكَلَإٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْكِفَايَةِ فِي مَكَانِهَا وَيَرُدُّهَا لَيْلًا لِمَنْ ذَكَرَ.
(وَهُوَ) أَيْ الْمَرْهُونُ (أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ» أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ «وَلَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ مَضْمُونًا لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْمَحَامَلِيِّ ثَمَانِي مَسَائِلَ: مَا لَوْ تَحَوَّلَ الْمَغْصُوبُ رَهْنًا، أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ غَصْبًا، أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ عَارِيَّةً، أَوْ تَحَوَّلَ الْمُسْتَعَارُ رَهْنًا، أَوْ رُهِنَ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، أَوْ رُهِنَ مَقْبُوضٌ بِسَوْمٍ، أَوْ رَهَنَ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَعَهُ (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِتَلَفِهِ لَكَانَ تَضْيِيعًا لَهُ وَإِتْيَانُهُ بِالْوَاوِ فِي وَلَا يَسْقُطُ أَحْسَنُ مِنْ حَذْفِ أَصْلِهِ لَهَا كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَمَانَةِ مُطْلَقًا وَتَسَبُّبِ عَدَمِ السُّقُوطِ عَنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ بِمِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ إلَّا إنْ اسْتَعَارَهُ مِنْ الرَّاهِنِ كَمَا مَرَّ أَوْ تَعَدَّى فِيهِ أَوْ مُنِعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ، أَمَّا بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْكِيسَ وَاسْتَوْفِ حَقَّك مِنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ صَارَ مَضْمُونًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجُهِ) وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ حَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُ مِنْ الصُّوفِ وَالسَّعَفِ أَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَسْتَتْبِعُ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ وَفِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَيَرُدَّهَا لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ اُعْتِيدَ الْعَوْدُ بِهَا لَيْلًا مِنْ الْمَرْعَى، فَلَوْ اُعْتِيدَ الْمَبِيتُ بِهَا فِي الْمَرْعَى لَمْ يُكَلَّفْ رَدَّهَا لَيْلًا بَلْ يَمْكُثُ بِهَا لِتَمَامِ الرَّعْيِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ أَمَانَةً فَيَكُونُ مَضْمُونًا (قَوْلُهُ: غَصْبًا) بِأَنْ تَعَدَّى فِيهِ (قَوْلُهُ: عَارِيَّةً) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعٍ فَاسِدٍ) أَيْ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ: بِسَوْمٍ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَهْنِ مَا بِيَدِهِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْله صَارَ مَضْمُونًا) أَيْ مَا اسْتَوْفَاهُ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ.
[حاشية الرشيدي]
مَا ذُكِرَ، وَالْقَطْعُ جَائِزٌ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا، وَهِيَ مَا إذَا غَلَبَتْ سَلَامَةُ الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِهِ مَعَ أَحْوَالِ التَّرْكِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ فِيمَا غَلَبَ خَطَرُهُ عَلَى سَلَامَتِهِ وَاسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا فَتُضْرَبُ وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي أَرْبَعَةِ التَّرْكِ فَتَحْصُلُ الِاثْنَا عَشْرَ الْبَاقِيَةُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَازَ خَطَرُ كُلٍّ مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ فَالْمَدَارُ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ عَلَى غَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِيهِ مُطْلَقًا، فَمَتَى غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ جَازَ وَحَيْثُ لَا لَا، وَلَا نَظَرَ لِجَانِبِ التَّرْكِ أَصْلًا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَوْ قَالَ أَيْ: صَاحِبُ الرَّوْضِ عَقِبَ قَطْعِ السِّلْعَةِ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ لَأَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ وَيَتَخَيَّرُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ رَعْيُ الْمَاشِيَةِ نَهَارًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَرْعٌ لَهُ أَيْضًا رَعَى الْمَاشِيَةَ فِي الْأَمْنِ نَهَارًا وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَلَهُ أَنْ يُنْتِجَ أَيْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى الْكَلَأِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْكِفَايَةِ لَهَا فِي مَكَانِهَا وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى عَدْلٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يَنْصِبُهُ الْحَاكِمُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ انْتَهَتْ.
فَمُرَادُهُ بِالْعَدْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا مُعَرَّفًا الْعَدْلُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي الْمَتْنِ، بِخِلَافِ الْعَدْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُنَكَّرًا فِي صُورَةِ الِانْتِجَاعِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ: أَيُّ عَدْلٍ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَعَنْ عَدْلِ الرَّهْنِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ
[الْمَرْهُونُ أَمَانَةٌ فِي يَد الْمُرْتَهِنِ]
. (قَوْلُهُ: أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ إلَخْ) الضَّمَانُ فِي هَذِهِ ضَمَانُ عَقْدٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَتَسَبَّبَ عَدَمُ السُّقُوطِ عَنْهَا) وَلَعَلَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ فِي عِبَارَتِهِ سَقْطًا، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: قَالَ الشَّيْخُ: يَعْنِي السُّبْكِيَّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْوَاوِ أَحْسَنُ مِنْ حَذْفِهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَمَانَةِ مُطْلَقًا حَتَّى يَصْدُقَ فِي التَّلَفِ، وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لَا بِقِيمَةٍ وَلَا بِمِثْلٍ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ فِيهِ، لَكِنَّهُ لَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ كَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ ثُبُوتَ الْأَمَانَةِ مُطْلَقًا وَتَسَبَّبَ عَدَمُ السُّقُوطِ عَنْهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَرْعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute