(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ وَالتَّحَالُفِ فِيمَا سُمِّيَ مِنْهُ إذَا (اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي قَدْرِ مَهْرٍ) مُسَمًّى وَكَانَ مَا يَدَّعِيهِ الزَّوْجُ أَقَلَّ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) مِنْ نَحْوِ جِنْسٍ كَدَنَانِيرَ وَحُلُولٍ وَقَدْرِ أَجَلٍ وَصِحَّةٍ وَضِدِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا: أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا (تَحَالَفَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ، نَعَمْ يُبْدَأُ هُنَا بِالزَّوْجِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ الْبُضْعِ لَهُ، وَخَرَجَ بِمُسَمَّى مَا لَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِنَحْوِ فَسَادِ تَسْمِيَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا مَهْرُ مِثْلٍ وَاخْتَلَفَا فِيهِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَيَكُونُ مَا يَدَّعِيهِ أَقَلَّ، أَمَّا لَوْ كَانَ أَكْثَرَ فَتَأْخُذُ مَا ادَّعَتْهُ وَيَبْقَى الزَّائِدُ فِي يَدِهِ كَمَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ فَكَذَّبَهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا زَادَ (وَيَتَحَالَفُ) عِنْدَ الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ أَيْضًا (وَارِثَاهُمَا وَوَارِثُ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَالْآخَرُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ، نَعَمْ الْوَارِثُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَلَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي نَكَحَ بِأَلْفٍ وَإِنَّمَا نَكَحَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ بِالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ عَقْدَيْنِ عَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا (ثَمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ (يُفْسَخُ الْمَهْرُ) الْمُسَمَّى: أَيْ يَفْسَخُهُ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ، وَيَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا مِنْ الْمُحِقِّ فَقَطْ لِمَصِيرِهِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا، وَلَا يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ كَالْبَيْعِ (وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُوجِبُ رَدَّ الْبُضْعِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ
(وَلَوْ) (ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) لِقَدْرٍ (فَأَنْكَرَهَا) مِنْ أَصْلِهَا وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا (تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ حَاصِلَهُ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهِيَ تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ ادَّعَى تَسْمِيَةَ قَدْرٍ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَأَنْكَرَتْ ذِكْرَهَا تَحَالَفَا أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ تَحَالَفَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ ادَّعَى تَفْوِيضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبٍ وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعِي الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ، وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا إذْ لَمْ تَدَّعِ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ، وَوَجْهُ رَدِّهِ امْتِنَاعُ مُطَالَبَتِهَا لَهُ حِينَئِذٍ بِفَرْضِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِدَعْوَاهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ
(قَوْلُهُ: فِيمَا سُمِّيَ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ التَّسْمِيَةَ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ بِالثَّانِي) وَهُوَ جَانِبُ الْإِثْبَاتِ الْمُقَابِلِ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُحِقِّ فَقَطْ) اُحْتُرِزَ عَنْ الْكَذِبِ فَيَنْفَسِخُ بَاطِنًا أَيْضًا بِفَسْخِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ) أَيْ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ وَهِيَ مَهْرُ الْمِثْلِ
(قَوْلُهُ: تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ فَإِنْ أَصَرَّ الزَّوْجُ عَلَى الْإِنْكَارِ لَمْ تُرَدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَلَا يُقْضَى لَهَا بِشَيْءٍ بَلْ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِالْحَلِفِ أَوْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُسَمَّى الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى تَفْوِيضًا) أَيْ وَهِيَ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]
(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ الِاسْتِدْرَاكُ وَلَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ) أَيْ مُطْلَقِ الِاخْتِلَافِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِمَصِيرِهِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ رَدِّهِ امْتِنَاعُ مُطَالَبَتِهَا لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الرَّدَّ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَوْ عَدَمِهِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute