للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ مَا تَرَاهُ نَحْوُ الْآيِسَةِ (حَدَثٌ دَائِمٌ) لَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْسِيرٍ لِلِاسْتِحَاضَةِ وَإِلَّا لَلَزِمَ كَوْنُ سَلَسِ الْبَوْلِ اسْتِحَاضَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا الْإِجْمَالِيِّ: أَيْ حُكْمُ الدَّمِ الْخَارِجِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمُ الْحَدَثِ الدَّائِمِ (كَسَلَسٍ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ، وَإِنَّمَا الِاسْتِحَاضَةُ دَمٌ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ غَيْرُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِهِمَا أَمْ لَا، كَالدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ.

وَالسَّلَسُ بِفَتْحِ اللَّامِ: أَيْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ، وَلِلِاسْتِحَاضَةِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ حُكْمًا مَذْكُورَةً فِي الْمُطَوَّلَاتِ (فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ) فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ كَمَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي النَّفْلِ (وَالصَّلَاةَ) كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ الدَّائِمَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ، وَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَمْنَةَ بِهِمَا وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ (فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا) إنْ أَرَادَتْهُ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهَا فِي النَّادِرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْغُسْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْغُسْلُ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ يَكُونُ قَبْلَ طَهَارَتِهَا وُضُوءًا كَانَتْ أَوْ تَيَمُّمًا (وَتَعْصِبُهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ تَشُدَّ خِرْقَةً كَالتِّكَّةِ بِوَسَطِهَا وَتَتَلَجَّمَ بِأُخْرَى مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تَجْعَلُ إحْدَاهُمَا قُدَّامَهَا وَالْأُخْرَى وَرَاءَهَا وَتَشُدُّهُمَا بِتِلْكَ الْخِرْقَةِ، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا فِي دَفْعِ الدَّمِ أَوْ تَقْلِيلِهِ إلَى حَشْوِهِ بِنَحْوِ قُطْنٍ وَهِيَ مُفْطِرَةٌ وَلَمْ تَتَأَذَّ بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَا تَمْثِيلٌ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِلْحَدَثِ الدَّائِمِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ (قَوْلُهُ: وَالرِّيحِ) أَيْ وَغَيْرِهَا كَالْوَدْيِ وَالدَّمِ، إلَّا أَنَّ سَلَسَ الرِّيحِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي النَّفْلِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ بِحُرْمَةِ صَوْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَوْ غَيْرَ الْمُتَحَيِّرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ لِأَنَّهَا إنْ حَشَتْ أَفْطَرَتْ وَإِلَّا ضَيَّعَتْ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ لِذَلِكَ، وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنَّ التَّوْسِعَةَ لَهَا فِي طُرُقِ الْفَضَائِلِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ اقْتَضَتْ إنْ تَسَامَحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالِاسْتِحَاضَةُ إلَخْ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا الْإِجْمَالِيِّ، وَهَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ: فَتَغْسِلُ إلَخْ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ) ع قَدْ صَرَّحُوا بِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ فِيهَا، فَكَانَ الْمُرَادُ هُنَا عِنْدَ انْتِشَارِهِ فَوْقَ الْعَادَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ دَمُهَا فَوْقَ الْعَادَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يُجَاوِزَ الْخَارِجُ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِ ع فَوْقَ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ ضَمُّ التَّاءِ وَتَشْدِيدُ الصَّادِ.

قَالَ فِي الصِّحَاحِ: عَصَّبَ رَأْسَهُ بِالْعِصَابَةِ تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ: كَالتِّكَّةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ التِّكَّةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ بَدَلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى

[الِاسْتِحَاضَةُ وَأَحْكَامِهَا]

(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ مَا تَرَاهُ نَحْوُ الْآيِسَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْآيِسَةَ إذَا رَأَتْ دَمًا وَجَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ لَا يُحْكَمُ عَلَى مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحَيْضِ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْضٌ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْفَتَى وَمُعَاصِرِيهِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا تَرَاهُ الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْسِيرٍ لِلِاسْتِحَاضَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا قَرَّرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنْ قَوْلَهُ حَدَثٌ دَائِمٌ تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِحَاضَةِ، وَقَوْلُهُ كَسَلَسٍ تَشْبِيهٌ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي أَنَّهُ حَدَثٌ دَائِمٌ أَشَارَ بِهِ مَعَ التَّفْرِيعِ بَعْدَهُ إلَى بَيَانِ حُكْمِ الِاسْتِحَاضَةِ الْإِجْمَالِيِّ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى حُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ بِقَوْلِهِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا إلَخْ، وَأَمَّا مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فَفِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، وَمِنْهَا أَنَّ جَعْلَهُ كَسَلَسٍ تَشْبِيهًا بَعْدَ مَا قَرَّرَهُ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَدَثٌ دَائِمٌ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إلَى قَوْلِنَا السَّلَسُ مُشَبَّهٌ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْحَدَثِ الدَّائِمِ، وَسَيَذْكُرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّلَسِ هُنَا سَلَسُ الْبَوْلِ، وَالْمَذْيُ، وَالْغَائِطُ وَالرِّيحُ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: كُلٌّ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالسَّلَسِ الشَّامِلِ لِمَا ذُكِرَ يُعْطَى حُكْمَ الْحَدَثِ الدَّائِمِ وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>