فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ.
(وَبَيْعُ) نَحْوِ (الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ) وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ أَيْ لِمَنْ يُظَنُّ مِنْهُ عَصْرُهُ خَمْرًا أَوْ مُسْكِرًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ رَبْطُ الْحُرْمَةِ الَّتِي أَفَادَهَا الْعَطْفُ بِوَصْفِ عَصْرِهِ لِلْخَمْرِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَاخْتِصَاصُ الْخَمْرِ بِمَا عُصِرَ مِنْ الْعِنَبِ غَيْرُ مُنَافٍ لِعِبَارَتِهِ هَذِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا إذْ عَصْرُهُ لِلْخَمْرِ قَرِينَةٌ عَلَى عَصْرِهِ لِلنَّبِيذِ الصَّادِقِ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الرُّطَبِ فَذِكْرُهُ فِيهِ لِلْقَرِينَةِ لَا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَسُمَّاهُ مَجَازًا شَائِعًا أَوْ تَغْلِيبًا وَدَلِيلُ ذَلِكَ لَعْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا الْحَدِيثُ الدَّالُّ عَلَى حُرْمَةِ كُلِّ تَسَبُّبٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِعَانَةٍ عَلَيْهَا وَمَنْ نَسَبَ لِلْأَكْثَرَيْنِ الْحِلَّ هُنَا أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي عَصْرِهِ لَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ، كَبَيْعِ أَمْرَدَ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ وَأَمَةٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ وَخَشَبٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ وَثَوْبٍ حَرِيرٍ لِلُبْسِ رَجُلٍ بِلَا نَحْوِ ضَرُورَةٍ وَسِلَاحٍ مِنْ نَحْوِ بَاغٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إطْعَامُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ كَافِرًا مُكَلَّفًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَذَا بَيْعُهُ طَعَامًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ نَهَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ تَسَبُّبٌ فِي الْمَعْصِيَةِ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَإِذْنِهِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَبَانَ كَتَّانًا بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ الْقِثَّاءِ فَقَدْ بَانَ غَيْرَ قِثَّاءٍ فَقَدْ بَانَ غَيْرَ جِنْسِ الْمَبِيعِ.
وَسُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَمَّا لَوْ بِيعَ بُرْدٌ عَلَى أَنَّ حَوَاشِيه حَرِيرٌ فَبَانَتْ غَيْرَهُ هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ؟ فَأَجَابَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الَّذِي بَانَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَعْضُ الْمَبِيعِ لَا كُلُّهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) أَيْ وَلَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَرْطِهِ، وَهَلْ يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّبِيبِ لِحَنَفِيٍّ يَتَّخِذُهُ مُسْكِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّ النَّبِيذِ بِشَرْطِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِاعْتِقَادِ الْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَبْطُ الْحُرْمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّبْطَ يُشْعِرُ بِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ مَبْدَإِ الِاشْتِقَاقِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ صَادِقٌ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا بَلْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَعْصِرُ خَمْرًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ عَصْرُهُ لِلْخَمْرِ) أَيْ إقْدَامُهُ عَلَى عَصْرِ الْعِنَبِ لِاِتِّخَاذِهِ خَمْرًا قَرِينَةٌ عَلَى عَصْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْحَدِيث) وَلَفْظُهُ عَلَى مَا فِي عَمِيرَةَ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَةَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» اهـ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ أَمْرَدَ) وَمِنْهُ بَيْعُ الدَّابَّةِ لِمَنْ يُكَلِّفُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ الْوَرَقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى نَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ يَتَّخِذُهُ كَاغِدًا لِلدَّرَاهِمِ أَوْ يَجْعَلُهُ فِي الْأَقْبَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ امْتِهَانٌ مَرَّ وَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لِنَحْوِ صَبِيٍّ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ بِذَلِكَ غَيْرُ الْمُتَّخِذِ الْمَذْكُورِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَإِذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ يَتَوَقَّفُ قَضَاؤُهَا عَلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْكَافِرَ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ الصَّوْمِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ عَدَمُ حُرْمَةِ بَيْعِ الْعِنَبِ لِلْكَافِرِ وَإِنْ عَلِمَ اتِّخَاذُهُ خَمْرًا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهُ، وَقَدَّمْنَا عَنْ سم عَلَى حَجّ خِلَافَهُ فَتَأَمَّلْهُ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الْفَرْقِ بِمَا ذُكِرَ جَعْلُهُ التَّحْرِيمَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ) يَعْنِي النَّجْشَ
[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]
(قَوْلُهُ: إذْ عَصْرُهُ) أَيْ الْعَاصِرُ (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهُ) أَيْ الْعَاصِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute