للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ بَيَانٌ لِمَا أَيْ النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ لَا لِعَارِضٍ كَالْإِحْرَامِ، وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ مُسَاوِيَةٌ لِتَرْجَمَةِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِبَابِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ، وَهُوَ قِسْمَانِ: مُؤَبَّدٌ، وَغَيْرُهُ.

وَالْأَوَّلُ أَسْبَابُهُ ثَلَاثَةٌ: قَرَابَةٌ: وَرَضَاعٌ: وَمُصَاهَرَةٌ.

وَفِي ضَبْطِ ذَلِكَ عِبَارَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ.

فَالْأُصُولُ: الْأُمَّهَاتُ، وَالْفُصُولُ: الْبَنَاتُ، وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ: الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ، وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ: الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ، وَهَذِهِ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ.

ثَانِيهمَا لِتِلْمِيذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ وَرَجَّحَهَا الرَّافِعِيُّ، وَهِيَ أَنَصُّ عَلَى الْإِنَاثِ وَأَخْصَرُ، وَجَاءَتْ عَلَى نَمَطِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: ٥٠] الْآيَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُنَّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَمْنُوعٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَمِيعُ مَنْ شَمَلَتْهُ الْقَرَابَةُ غَيْرَ وَلَدِ الْعُمُومَةِ وَوَلَدِ الْخُؤُولَةِ، وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ.

قَالَهُ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَمُولِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (تَحْرُمُ الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ (وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك) وَهِيَ الْجَدَّةُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ عَلَتْ (فَهِيَ أُمُّك) حَقِيقَةً عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَاسِطَةِ وَمَجَازًا عِنْدَ وُجُودِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَحُرْمَةُ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الِاحْتِرَامِ فَهِيَ أُمُومَةٌ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَالْبَنَاتُ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِاللَّعَّانِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْتَفِ عَنْهُ قَطْعًا وَلِهَذَا لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَتْهُ، وَمَعَ النَّفْيِ هَلْ يَثْبُتُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) أَيْ مِنْ النِّكَاحِ بَيَانٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي ضَبْطِ ذَلِكَ) أَيْ السَّبَبِ الْمُحَرَّمِ لِلْقَرَابَةِ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ شُمُولِ التَّعْرِيفَيْنِ لِمَنْ حَرُمَ بِالرَّضَاعِ، أَوْ الْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنَصُّ عَلَى الْإِنَاثِ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي حَكَاهَا عَنْهُ بِقَوْلِهِ يَحْرُمُ جَمِيعُ مَنْ شَمَلَتْهُ الْقَرَابَةُ إلَخْ، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ كَمَا تَشْمَلُ الْإِنَاثَ تَشْمَلُ الذُّكُورَ، نَعَمْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيمَا حَكَاهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ تَحْرُمُ مَنْ لَا دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ إلَخْ لِظُهُورِهِ فِي الْإِنَاثِ بِسَبَبِ تَاءِ التَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ خِلَافًا لحج: أَيْ فَيَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّيَّةِ وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ حِمَارَةٍ مَثَلًا وَثَبَتَتْ أَحْكَامُ النِّكَاحِ لِلْإِنْسِيِّ مِنْهُمَا فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِمَسِّهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِوَطْئِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْآدَمِيَّةِ لَوْ كَانَتْ زَوْجَةً وَأَمَّا الْجِنِّيُّ مِنْهُمَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَحْكَامِنَا (قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ تَعْرِيفُ الْإِمَامِ بِمَا ذُكِرَ قَاصِرٌ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَدَمِ وِلَادَتِهِنَّ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ حَرُمْنَ عَلَى غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُمِّينَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: وَمَعَ النَّفْيِ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَمَعَ النَّفْيِ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[بَابٌ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ]

(بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يَخْفَى قُرْبُ حَمْلِ مَا عَلَى التَّبْعِيضِ بَلْ أَقْرَبِيَّتُهُ: أَيْ بَابِ الْأَفْرَادِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا حَمْلُ مَا عَلَى الْبَيَانِ فَيَلْزَمُهُ نُقْصَانُ الْبَيَانِ وَاحْتِيَاجُهُ لِلتَّقْيِيدِ.

اهـ. (قَوْلُهُ: مُسَاوِيَةٌ) أَشَارَ الشِّهَابُ سم إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ وَالتَّوَقُّفُ فِيهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ) هَذِهِ هِيَ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ خَبَرُ ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ) أَيْ فَتَحْرُمُ ظَاهِرًا، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا فَهِيَ فِي الْبَاطِنِ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ قَطْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>