(فَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا: مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ حَجْبُ حِرْمَانٍ وَهُوَ إمَّا بِالشَّخْصِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَوْ الْوَصْفِ وَسَيَأْتِي. وَالثَّانِي حَجْبُ نُقْصَانٍ وَقَدْ مَرَّ، وَمِنْهُ حَجْبُ الْفَرْعِ لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ لِلْأَبَوَيْنِ (الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ) مِنْ الْإِرْثِ حِرْمَانًا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَدْلَى لِلْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فَرْعًا عَنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَدْلَى بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ فَرْعٌ عَنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ (وَابْنُ الِابْنِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (لَا يَحْجُبُهُ إلَّا الِابْنُ) أَبَاهُ كَانَ لِإِدْلَائِهِ بِهِ أَوْ عَمَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (أَوْ ابْنٌ أَقْرَبُ مِنْهُ) كَابْنِ ابْنِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ، وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَنَا، وَإِنْ سَفَلَ انْتِظَامُ اسْتِثْنَاءِ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيَحْجُبُهُ أَيْضًا أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ كَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ (وَالْجَدُّ) ، وَإِنْ عَلَا (لَا يَحْجُبُهُ إلَّا مُتَوَسِّطٌ) ذَكَرٌ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ) إجْمَاعًا كَالْأَبِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ حَجَبَتْهُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ، وَخَرَجَ بِذَكَرٍ مَنْ أَدْلَى بِأُنْثَى فَلَا يَرِثُ أَصْلًا فَلَا يُسَمَّى حَجْبًا كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّهِ السَّابِقِ وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ الْمُصَنِّفُ بِهِ، وَعَبَّرَ بِمُتَوَسِّطٍ؛ لِيَتَنَاوَلَ حَجْبَ الْجَدِّ لِأَبِيهِ وَمَا فَوْقَهُ مِنْ الصُّوَرِ.
(وَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ الْأَبُ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ) ، وَإِنْ سَفَلَ إجْمَاعًا (وَ) الْأَخُ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) ؛ لِأَنَّهُمْ حَجَبُوا الشَّقِيقَ فَهُوَ أَوْلَى (وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ) لِقُوَّتِهِ بِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَيَحْجُبُهُ أَيْضًا أُخْتٌ شَقِيقَةٌ مَعَهَا بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ حَجْبًا بِالِاسْتِغْرَاقِ لَكِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ حَجْبًا بِأَقْرَبَ مِنْهُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى تَعْبِيرِهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَكُلُّ عَصَبَةٍ يَحْجُبُهَا أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٌ إذْ الْأُخْتُ هُنَا لَمْ تَأْخُذْ إلَّا تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُطْلَقِ مَنْ يَحْجُبُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ وَالشَّقِيقَةِ لَا تَحْجُبُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَ) الْأَخُ (لِأُمٍّ يَحْجُبُهُ أَبٌ وَجَدٌّ وَوَلَدٌ وَوَلَدُ ابْنٍ) ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَ الْكَلَالَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا إرْثُ وَلَدِ الْأُمِّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ مَنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا (وَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ) يَحْجُبُهُ سِتَّةٌ (أَبٌ وَجَدٌّ) ، وَإِنْ عَلَا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُقَاسِمُ أَبَا الْجَدِّ لِاسْتِوَاءِ دَرَجَتَيْهِمَا كَأَخٍ مَعَ الْجَدِّ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ) أَيْ الْحَجْبُ بِالشَّخْصِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَبَبُهُ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْمُعْتِقِ عَلَى عَتِيقِهِ فَأَشْبَهَتْ نِعْمَةَ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ بِالْإِيجَادِ فَكَأَنَّ النَّسَبَ سَبَبٌ لِلْوَلَاءِ مِنْ حَيْثُ مُشَابَهَتُهُ لَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِهِ. اهـ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ) وَلَا تَرِدُ هَذِهِ الصُّورَةُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِعِلْمِهَا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَكُلُّ عَصَبَةٍ يَحْجُبُهُ أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَحْجُبُونَهَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَالِدًا) أَيْ وَارِثًا
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]
ِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَفِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ:؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ وَإِنْ وَجَّهَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ مِمَّا لَا يَشْفِي (وَقَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْبِيرِهِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ أَنَّ الْإِيرَادَ يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ انْحِصَارُ حَاجِبِهِ فِيمَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى شُمُولَهُ، فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِهَذِهِ الْغَايَةِ الرَّدُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُطْلَقِ مَنْ يَحْجُبُهُ) الْأَوْلَى مَنْ يَحْجُبُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَوْلَى عَلَى الْإِطْلَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute