عَنْ الْقِيَاسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ (وَابْنٌ وَابْنُهُ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَذَكَرَ سِتَّةً هُنَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ التَّكْرَارِ الْمَحْضِ عَنْ هَذَا وَمَا يَلِيهِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ (وَلِأَبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَبَوَيْنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى مَا يَلِيهِ (يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) السِّتَّةُ (وَابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) السَّبْعَةُ (وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَ) الْعَمُّ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) الثَّمَانِيَةُ (وَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ) لِذَلِكَ وَلَا يَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا أَنَّ الْعَمَّ يُطْلَقُ عَلَى عَمِّ الْمَيِّتِ وَعَمِّ أَبِيهِ وَعَمِّ جَدِّهِ، وَابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ أَبِيهِ وَابْنُ عَمِّ أَبِيهِ يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ جَدِّهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ، كَمَا يُقَدَّمُ ابْنُ الْأَبِ وَهُوَ الْأَخُ عَلَى ابْنِ الْجَدِّ وَهُوَ الْعَمُّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ عَمُّ الْمَيِّتِ لَا عَمُّ أَبِيهِ وَلَا عَمُّ جَدِّهِ؛ لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ لَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَمْلًا عَلَى الْحَقِيقَةِ (وَابْنُ عَمِّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) التِّسْعَةُ (وَعَمٌّ لِأَبٍ وَ) ابْنُ عَمٍّ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) الْعَشَرَةُ (وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ) لِذَلِكَ، وَطَرِيقَةُ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَجَةُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ كَابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ كَالشَّقِيقِ وَالْأَخِ لِأَبٍ عَلَّلَ بِأَنَّهُ أَقْوَى (وَالْمُعْتِقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ) إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى وَمِنْ ثَمَّ اُخْتُصَّ بِالْحُرْمِيَّةِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجْبِ الذُّكُورِ شَرَعَ فِي حَجْبِ الْإِنَاثِ فَقَالَ (وَالْبِنْتُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لَا يُحْجَبْنَ) حِرْمَانًا إجْمَاعًا (وَبِنْتُ الِابْنِ يَحْجُبُهَا ابْنٌ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَبُوهَا أَوْ عَمُّهَا (أَوْ بِنْتَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يَعْصِبُهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ فَإِنْ وُجِدَ مَعَهَا ذَلِكَ كَأَخِيهَا وَابْنِ عَمِّهَا أَخَذَتْ مَعَهُ الثُّلُثَ الْبَاقِي تَعْصِيبًا (وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ) لِإِدْلَائِهَا بِهَا وَلَا كَذَلِكَ الْأَبُ وَالْجَدُّ (وَ) الْجَدَّةُ (لِلْأَبِ يَحْجُبُهَا الْأَبُ) لِإِدْلَائِهَا بِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ ذَهَبُوا إلَى عَدَمِ حَجْبِهِ لَهَا لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَرِثُ وَابْنُ ابْنِهَا أَوْ ابْنُ بِنْتِهَا حَيٌّ مِنْ أَبِيهِ فِي صُورَةٍ هِيَ أَنْ تَكُونَ جَدَّةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ بِأَنْ يَمُوتَ ابْنُهَا أَوْ بِنْتُهَا وَتَتْرُكُ وَلَدًا مُتَزَوِّجًا بِنْتَ عَمَّتِهِ أَوْ خَالَتِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَيَمُوتُ هَذَا الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ وَأُمِّهَا وَيَتْرُكُ أَبًا وَجَدَّتَهُ الْعُلْيَا الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ أَوْ أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ فَتَرِثُهُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ابْنَ بِنْتِ بِنْتِهَا لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ابْنَ ابْنِ ابْنِهَا أَوْ ابْنَ ابْنِ بِنْتِهَا (وَالْأُمُّ) إجْمَاعًا وَلِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا فِي الْأُمُومَةِ الَّتِي بِهَا الْإِرْثُ (وَ) الْجَدَّةُ (الْقُرْبَيْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ الْبَعْدِي مِنْهَا) سَوَاءٌ أَدْلَتْ بِهَا كَأُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمٍّ وَأُمِّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ لَا كَأُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أَبِي أَبٍ.
نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْبُعْدَى جَدَّةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تُحْجَبْ كَمَا فِي الْجَدَّةِ الْعُلْيَا فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، فَإِنَّ بِنْتَهَا الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ الْمَيِّتِ لَا تُسْقِطُهَا؛ لِأَنَّهَا: أَعْنِي الْعُلْيَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَوَرِثَتْ مَعَهَا لَا مِنْ جِهَتِهَا وَلَيْسَ لَنَا جَدَّةٌ تَرِثُ مَعَ بِنْتِهَا الْوَارِثَةِ إلَّا هَذِهِ (وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمٍّ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ) فَتَنْفَرِدُ الْأُولَى بِالسُّدُسِ؛ لِأَنَّ لَهَا قُوَّتَيْنِ قُرْبُهَا بِدَرَجَةٍ، وَكَوْنُ الْأُمِّ هِيَ الْأَصْلَ وَالْجَدَّاتِ كَالْفَرْعِ لَهَا (وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) كَأُمِّ الْأَبِ (لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يَشْتَرِكَانِ فِي السُّدُسِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُهَا فَالْجَدَّةُ الْمُدْلِيَةُ بِهِ أَوْلَى، وَفَارَقَ هَذَا الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ بِقُوَّةِ قَرَابَتِهَا الَّتِي قَاسَ عَلَيْهِ الثَّانِي الْقَائِلُ بِحَجْبِهَا لِلْقُرْبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَمِنْ ثَمَّ حُجِبَتْ جَمِيعُ الْجَدَّاتِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ بِخِلَافِهِ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ تُسْقِطُ بِعِدَى جِهَةِ آبَائِهِ كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمِّ أَبِي أَبِي الْأَبِ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ آبَائِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَطَرِيقَةُ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْبَابِ) قَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِالشَّارِحِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ طَرِيقَةً لِلْفَرْضِيِّينَ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِهِ بِالشَّارِحِ فَإِنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ مَشْهُورَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْبَابِ أَشَارَ بِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَقْفِ وَالْوَصَايَا فَإِنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَقْوَى.
فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ قُدِّمَ الشَّقِيقُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ لِغَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَقَدْ تَرِثُ وَابْنُ ابْنِهَا أَوْ ابْنُ بِنْتِهَا حَيٌّ إلَخْ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute