للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ صَبَّرَهُ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ.

نَعَمْ إنْ أَسْقَطَ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَأَنْ كَانَ وَارِثَ الْبَائِعِ فَلَا فَسْخَ إذْ بِهِ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَصِحُّ فِي الْمُوسِرِ، وَقِيلَ وَالْمُعْسِرِ (وَلَا يَضُرُّ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (تَعَلُّقُهُ) أَيْ الْمَالُ بِكَسْبِهِ كَأَنْ زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ وَلَا (بِذِمَّتِهِ) كَأَنْ اشْتَرَى فِيهَا شَيْئًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ لِانْتِفَاءِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّقَبَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْبَيْعِ وَلَا حَجْرَ لِلسَّيِّدِ عَلَى ذِمَّةِ عَبْدِهِ (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ) بِرَقَبَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَرْجُوُّ السَّلَامَةِ بِالْعَفْوِ عَنْهُ كَرَجَاءِ عِصْمَةِ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ وَشِفَاءِ الْمَرِيضِ، بَلْ لَوْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ طَرِيقٍ لِقَتْلِهِ وَأَخْذِهِ الْمَالَ كَانَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِحَالَةِ الْبَيْعِ.

أَمَّا تَعَلُّقُهُ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْمَالِ مَانِعٌ، فَلَوْ عَفَا بَعْدَ الْبَيْعِ عَلَى مَالٍ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

(الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ) فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ التَّامِّ، فَخَرَجَ بَيْعُ نَحْوِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا سَيَأْتِي (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) الْوَاقِعُ مِنْ عَاقِدٍ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيَةِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُمْتَنِعِ وَالْمُلْتَقَطِ لِمَا يُخَافُ تَلَفُهُ وَالظَّافِرُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ) وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ فِي عَيْنٍ لِغَيْرِهِ أَوْ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ اشْتَرَيْت لَهُ كَذَا بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَنْ لَيْسَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الثَّانِي وَهُوَ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فُسِخَ الْبَيْعُ) لَعَلَّ الْفَاسِخَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَاسِخَ لَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ: وَالْفَاسِخُ لَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) أَيْ وَيَكُونُ الْبَائِعَ لَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ) أَيْ فَلَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ فَسَخَ لَمْ يَنْفُذْ فَسْخُهُ (قَوْلُهُ: إلَى مِلْكِهِ) أَيْ الْمُوَرِّثَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَضُرُّ تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ بِرَقَبَتِهِ) فَلَوْ قُتِلَ قِصَاصًا بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَتَجْهِيزِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ اهـ.

وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَاهِلًا: أَيْ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ إلَى الْقَتْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَمِرَّ فَإِنَّهُ إنْ فَسَخَ عِنْدَ الْعِلْمِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِالْعَفْوِ عَنْهُ) أَيْ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَفَا) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: التَّامُّ) أَخَذَهُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِفَرْدِهِ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِقَوْلِهِ التَّامُّ (قَوْلُهُ: نَحْوِ الْمَبِيعِ) كَصَدَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ الْمُعَيَّنَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا ضُمِنَ بِعَقْدٍ: أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَلِّيهِ) وَجْهُ الدُّخُولِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَلِيِّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الشَّارِعُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالظَّافِرُ وَنَحْوُهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَكُونَ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إذْ الْمِلْكُ مِنْ صِفَاتِ الْعَاقِدِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ) أَيْ مُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ عُقُودِهِ) لَوْ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ كَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ الْحِلَّ أَيْضًا كَأَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ اهـ زِيَادِيٌّ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا عَبَّرَ بِالْعَاقِدِ فِيمَا مَرَّ لِيَشْمَلَ الْبَائِعَ وَغَيْرَهُ نَاسَبَ التَّعْبِيرَ هُنَا بِقَوْلِهِ وَسَائِرُ إلَخْ أَوْ أَنَّ الْخِلَافَ بِالْأَصَالَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعُقُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ قَالَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَطْلَقَ لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لَهُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ صَحَّ لِلْغَيْرِ وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فُسِخَ الْبَيْعُ) أَيْ لَوْ كَانَ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَسْقَطَ الْفَسْخُ حَقَّهُ) يَعْنِي الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ

[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ الْمِلْكُ]

(قَوْلُهُ: أَوْ مُوَلِّيهِ) أَيْ وَلَوْ فِي خُصُوصِ هَذَا الْمَالِ حَيْثُ جَعَلَ الشَّارِحُ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الدُّخُولِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ: أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي شُرُوطِهِ لَا فِي شُرُوطِ الْعَاقِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>