للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَعَلَى مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي طَوَافِهِ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ (مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ) لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ» وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا تَنْظُرْ الْأَمَةُ إلَى عَوْرَتِهِ، وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ» (وَكَذَا الْأَمَةُ) مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَعَوْرَتُهَا فِيهَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالرَّجُلِ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، أَمَّا نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَلَيْسَتَا مِنْهَا لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ بَعْضِهِمَا؛ لِيَحْصُلَ سَتْرُهَا. وَالثَّانِي عَوْرَتُهَا كَالْحُرَّةِ إلَّا رَأْسَهَا: أَيْ عَوْرَتُهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَرَأْسَهَا.

(وَ) عَوْرَةُ (الْحُرَّةِ) (مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَتُطْلَقُ) أَيْ شَرْعًا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهُ إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا فَعَلَ حَجّ (قَوْلُهُ: عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ إلَخْ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُمْتَثِلُ لِلْأَوَامِرِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا وَلَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْظُرُ الْأَمَةُ إلَى عَوْرَتِهِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَلَا تَنْظُرُ إلَى عَوْرَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَمَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْحَدِيثِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: أَيْ الْأَمَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رِوَايَةً أُخْرَى، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مِثْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ م ر (قَوْلُهُ: إلَى عَوْرَتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ.

[فَرْعٌ] تَعَلَّقَتْ جِلْدَةٌ مِنْ فَوْقِ الْعَوْرَةِ إلَيْهَا أَوْ بِالْعَكْسِ مَعَ الْتِصَاقٍ أَوْ دُونَهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِي وُجُوبِ سِتْرِهَا وَعَدَمِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَعَدَمِهِ فِيمَا لَوْ تَعَلَّقَتْ جِلْدَةٌ مِنْ مَحِلِّ الْفَرْضِ فِي الْيَدَيْنِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ.

[فَرْعٌ آخَرُ] فَقَدَ الْمُحْرِمُ السُّتْرَةَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا قَمِيصًا لَا يَتَأَتَّى الِائْتِزَارُ بِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَيَفْدِي أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ أَوْ يُفَصِّلُ، فَإِنْ زَادَتْ الْفِدْيَةُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ ثَوْبٍ يُسْتَأْجَرُ أَوْ ثَمَنِ مِثْلِ ثَوْبٍ يُبَاعُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْجَارُ لَا الشِّرَاءُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّالِثُ قَرِيبٌ.

[فَرْعٌ] لَوْ طَالَ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ جَاوَزَ نُزُولُهُ الرُّكْبَتَيْنِ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ سَتْرِ جَمِيعِهِ، وَلَا يَجِبُ سَتْرُ مَا يُحَاذِيهِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَمَا نَزَلَ عَنْهُمَا مِنْ السَّاقَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي سِلْعَةٍ أَصْلُهَا فِي الْعَوْرَةِ وَتَدَلَّتْ حَتَّى جَاوَزَتْ الرُّكْبَتَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي شَعْرِ الْعَانَةِ إذَا طَالَ وَتَدَلَّى وَجَاوَزَ الرُّكْبَتَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ بَعْدَ قَوْلِ سم الْمُتَقَدِّمِ آخِرِ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالْعَكْسِ مَا نَصُّهُ: قُلْت وَيَحْتَمِلُ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَدَمُ وُجُوبِ السَّتْرِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَوْرَةِ، وَوُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَجْزَاءَ الْعَوْرَةِ لَهَا حُكْمُهَا مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهِ وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُنْفَصِلُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَتْرُ مَا يُحَاذِي مَحَلَّ الْعَوْرَةِ مِمَّا نَبَتَ فِي غَيْرِهَا، وَيَجِبُ غَسْلُ مَحَاذِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَالْمَصِيرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَعَّضَةً) فِي إدْخَالِهَا فِي الْأَمَةِ تَجُوزُ وَلِهَذَا فَصَّلَهَا الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِكَذَا.

(قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمَيْنِ وَلَيْسَ مُمَاسًّا لِبَاطِنِ الْقَدَمِ، فَيَكْفِي السَّتْرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَتُطْلَقُ أَيْضًا) أَيْ شَرْعًا وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ.

[عَوْرَةُ الرَّجُلِ]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى مُطْلَقِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِيَكُونَ أَفْيَدَ، إذْ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي عَوْرَةِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ حَيْثُ قَيَّدَهُ بِهَا لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِيهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَحَارِجَهَا وَبِدَلِيلِ اسْتِدْلَالِهِ الْآتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>