للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَلِكِ الْمُلُوكِ وَالتَّجَمُّلُ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى.

وَيَجِبُ سَتْرُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْضًا، لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْشُوا عُرَاةً» وَقَوْلِهِ «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيَا مِنْهُ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْعَوْرَةُ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ مِنْ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَفَائِدَةُ السَّتْرِ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْجُبُهُ شَيْءٌ فَيَرَى الْمَسْتُورَ كَمَا يَرَى الْمَكْشُوفَ أَنَّهُ يَرَى الْأَوَّلَ مُتَأَدِّبًا وَالثَّانِي تَارِكًا لِلْأَدَبِ، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى كَشْفِهَا لِاغْتِسَالٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ بَلْ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْحَاجَةِ، وَعُدَّ مِنْ الْأَغْرَاضِ كَشْفُهَا لِتَبْرِيدٍ، وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ عَنْ الْأَدْنَاسِ وَالْغُبَارِ عِنْدَ كَنْسِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ. نَعَمْ لَا يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَظَرُهُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، أَمَّا فِيهَا فَوَاجِبٌ.

فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ الْغَرِيبَةِ. وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالْعَوْرَةُ لُغَةً النُّقْصَانُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ، وَسُمِّيَ الْمِقْدَارُ الْآتِي بَيَانُهُ بِهَا لِقُبْحِ ظُهُورِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَالَةِ فَلَا يُكَلَّفُ غَضَّ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْعَوْرَةَ الَّتِي يَجِبُ سِتْرُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ عَوْرَةَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالرُّكْبَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ) شَمَلَ الْأَمَةَ لَكِنْ جَعَلَهَا حَجّ كَالرَّجُلِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم الْمُتَّجَهُ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَرَّ (قَوْلُهُ: يَرَى الْأَوَّلَ) أَيْ يَعْلَمُهُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ أَيْضًا، وَلَيْسَ مِنْ الْغَرَضِ حَاجَةُ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ أَنْ يَكُونَا مُسْتَتِرَيْنِ، وَقَوْلُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ بِجَرِّ كَرَاهَةٍ مُنَوَّنَةٍ؛ لِأَنَّ لَا زَائِدَةٌ. فَإِنْ قُلْت: لَا زِيَادَةَ إذْ الزَّائِدُ دُخُولُهُ فِي الْكَلَامِ كَخُرُوجِهِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهُ إذْ هِيَ تُفِيدُ النَّفْيَ. قُلْنَا: هَذِهِ زَائِدَةٌ لَفْظًا فَتَخَطَّاهَا الْعَامِلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ) قَيَّدَهُ حَجّ بِثَوْبِ التَّجَمُّلِ. أَقُولُ: وَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ طَوْقُهُ ضَيِّقًا جِدًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ فِيمَا يَأْتِي تُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِالْوَاسِعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَاكَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ.

وَمَا ذَكَرَ فِي الضِّيقِ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَعْمَى، أَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ بِبَدَنِ إمَامِهِ أَوْ ثِيَابِهِ نَجَاسَةً مِنْ فَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا وَالْأَعْمَى بَصِيرًا إلَخْ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِعَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ سُتْرَتَهُ شَرْعِيَّةٌ وَالنَّظَرُ مِنْهُ مُسْتَحِيلٌ وَلَا قُوَّةَ فِيهِ وَلَا فِعْلَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّظَرُ حَرَامًا. اهـ رَمْلِيٌّ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا، وَكَذَا النَّفَلُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَهُ بِالنَّظَرِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُدَّعَى مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا.

(قَوْلُهُ: لِأَدْنَى غَرَضٍ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَرَضُ الْجِمَاعِ وَسَنُّ السَّتْرِ عِنْدَهُ لَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْكَشْفِ كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَإِلَّا لَكَانَ السَّتْرُ عِنْدَهُ وَاجِبًا لَا مَسْنُونًا، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِهِ فِي الْكَشْفِ لِلْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ؛ لِأَنَّ السَّتْرَ عِنْدَهُمَا مَسْنُونٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِيهَا فَوَاجِبٌ) أَيْ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ إلَخْ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرَ حُرْمَةَ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ عَوْرَةَ نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَوَجْهُهُ فِي النَّفْلِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ قَطْعَهُ مَتَى شَاءَ، وَكَذَا فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ قَطْعِهِ لَا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِ النَّظَرِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَخْذِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا ذَكَرَ مَحَلُّ وَقْفَةٍ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الَّتِي تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ الرُّؤْيَةَ بِالْفِعْلِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُرْمَةُ أَوْ عَدَمُهَا، بَلْ الْمُرَادُ الرُّؤْيَةُ بِالْقُوَّةِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي.

وَفِي عِبَارَةِ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ سَاقَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ نَصُّهَا: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وُجُوبُ سَتْرِهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى لَوْ لَبِسَ غِرَارَةً وَصَارَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>