للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنِهِ فِيهَا يَلْزَمُ تَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ عِنْدَ عَدَمِ زِيَادَةِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَارُّ وَلِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ مَعَ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ، وَيُرَاعَى فِي الْوُلَاةِ تَفَاوُتُ دَرَجَتِهِمْ فَيُقَدَّمُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ ثُمَّ بَقِيَّةُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى حَتَّى عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ. نَعَمْ لَوْ وَلَّى الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الرَّاتِبَ قُدِّمَ عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ الْأَوْجَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَنْ سِوَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ الْوُلَاةِ.

فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ) يَعْنِي الْمَكَانَ لَا بِقَيْدِ الْوُقُوفِ، فَالتَّقْيِيدُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ، وَالْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تَابِعٍ (فَإِنْ تَقَدَّمَ) عَلَيْهِ يَقِينًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَقَالَ: إنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ (بَطَلَتْ) إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا أَمَّا فِي ابْتِدَائِهَا فَلَا تَنْعَقِدُ، وَتَسْمِيَةُ مَا فِي الِابْتِدَاءِ بُطْلَانًا تَغْلِيبٌ (فِي الْجَدِيدِ) لِكَوْنِهِ أَفْحَشَ مِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي الْأَفْعَالِ الْمُبْطِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

شَرِيكُهُ فِي السُّكْنَى مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِذْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ.

فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: فَالتَّقْيِيدُ بِهِ) أَيْ الْمَوْقِفِ لِأَنَّهُ: أَيْ التَّقَدُّمَ لَمْ يُنْقَلْ: أَيْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فُعِلَ فِي زَمَنِهِ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَدَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَالنَّاسِي. وَفِي الْإِيعَابِ: نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُغْتَفَرُ لَهُ التَّقَدُّمُ لِأَنَّهُ عُذِرَ بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي مَعْذُورٍ لِبُعْدِ مَحَلِّهِ أَوْ قُرْبِ إسْلَامِهِ، وَعَلَيْهِ فَالنَّاسِي مِثْلُهُ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّاسِيَ يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ لِغَفْلَتِهِ بِإِهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَ الْحُكْمَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ) أَيْ فَقَالُوا: إنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ.

(قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ مُغْتَفَرًا فَلَا تَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْمُبْطِلِ، وَالتَّرَدُّدُ يُؤَثِّرُ فِيهَا، وَعَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا طب فَارْتَضَاهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ مَسْأَلَةَ الْوَالِي الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَيُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ.

قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنُوَّابُهُ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ بِلَا شَكٍّ انْتَهَتْ.

فَمُرَادُهُ بِنُوَّابِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وُزَرَاؤُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْمَفْهُومِ: أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ، وَلَا بِدَعَ فِي تَقْدِيمِ هَذَا عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ قَاضِي الْبَلَدِ فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ الْقَاضِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُوَلِّيهِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَلْ الْأَوْجَهُ إلَخْ مَفْرُوضًا فِيمَنْ وَلَّاهُ نَفْسُ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْ.

[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا]

(فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ) (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ مَا فِي الِابْتِدَاءِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ فَالْمُنَاسِبُ فِيهِ الْعَطْفُ بِأَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>